السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٥١
* فعفا عفو قادر لم ينغص * ه عليهم بما مضى إغراء * وإذا كان القطع والوصل لله * تساوى التقريب والإقصاء * وسواء عليه فيما أتاه * من سواه الملام والإطراء * ولو أن انتقامه لهوى النف * س لدامت قطيعة جفاء * فعله كله جميل وهل ين * ضح الا بما حواه الأناء * أي القت قومه الذين لم يؤمنوا به بين يديه حبائل بغيهم التي مدها المكر والدهاء حالة كون ذلك منهم فبسبب مكرهم أتتهم من قبله خيل تتبختر بها راكبوها إلى الحرب والخيل عليها الشجعان كبر وترفع في الحرب قصدت في أبدانهم الرماح فبسبب قصدها بهم كانت الطعنات المشبهة بالقوافي في تتابعها حالة كون ذلك الطعن من تلك الرماح ما عابها الإيطاء أي لم يعدم وجوده فيها والإيطاء في القافية تكريرها متحدة اللفظ والمعنى هو معيب على الشاعر لأنه يدل على قصوره والطعنات المتوالية في محل واحد تدل على قصر ساعد الشجاع ورفعت تلك الخيل غبارا أظلم الجو حتى ظن أن وقت الغدو من تلك الغبرة وقت العشاء وذلك بأرض مكة عند فتحها أمسكت عند ذلك الغبار لكثرته الحجون وهو كداء بالفتح والمد أعلى مكة لكثرة ما أعطاه صلى الله عليه وسلم الناس وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم القليل من الناس كداء بالضم والمد وهو أسفل مكة وهذه لغة فيه قليلة وعند ذلك قل غباره وأهلكت تلك الخيول أوجها من الناس بمكة ممن أباح دمه ومن قاتل وأهلكت بيوتا كان أهل مكة يرجعون إليها مل من تلك البيوت خلوها عن أنس بها والرجوع إليها وعند ذلك طلبوا منه العفو عما مضى منهم وجواب الحليم لمن سأله العفو عنه العفو وارخاء الجفون من الحياء وحلفوه بالقربي التي وصلت اليه من بطون قريش وهم ولد النضر بن كنانة التي قطعتها المقاتلة والتباغض والتحاسد فبسبب ذلك عفا صلى الله عليه وسلم عفو قادر لم يكدر ذلك العفو منهم إغراء سفهائهم به حالة كون ذلك الإغراء منهما فيما مضى وإذا كان القطع والوصل لله تساوى عند فاعل ذلك التقريب للأقارب والبعداء والإبعاد للأقارب والبعداء والذي تقريبه وإبعاده لله لا لغيره يستوى عنده سبه والمبالغة في مدحه إذا أتاه ذلك من غيره ومن ثم لو كان انتقامه لهوى النفس الأمارة بالسوء لاستمرت قطيعة الرحمن ودام إبعاده لها كيف
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»