ثم إنه صلى الله عليه وسلم رد عليهم الأسارى والسبي وأحسن جوائزهم قال أي بعد أن أسلموا وأعطى كل واحد اثني عشر أوقية قيل إلا عمرو بن الأهتم فإن القوم خلفوه في ظهورهم لأنه كان أصغرهم سنا فأعطاه خمس أواق وقد اختلف في عدد هذا الوفد فقيل كانوا سبعين رجلا وقيل كانوا ثمانين وقيل كانوا تسعين انتهى أي والذي في الاستيعاب ثم أسلم القوم وبقوا في المدينة مدة يتعلمون الدين والقرأن ثم أرادوا الخروج إلى قومهم فأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم أسراهم ونساءهم وقال أما بقي منكم أحد وكان عمر بن الاهتم في ركباهم فقال قيس بن عاصم وكان مشاحنا له لم يبق منا إلا غلام في ركابنا وأزرى به فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعطاهم وبلغ عمرا ما قال قيس في حقه فأنشد أبياتا تتضمن لومه على ذلك وكان عمرو خطيبا بليغا شاعرا محسنا يقال إن شعره كان حللا منثورة وكان رضي الله تعالى عنه جميلا يدعى الكحيل لجماله وهو القائل * لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها * ولكن أخلاق الرجال تضيق * هذا كلامه وأنزل الله تعالى * (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) * قيل معناه لا تجعلوا دعاءه إياكم كدعاء بعضكم بعضا فتؤخروا إجابته بالأعذار التي يؤخر بها بعضكم إجابة بعض ولكن عظموه صلى الله عليه وسلم بسرعة الإجابة سرية قطبة بن عامر رضي الله تعالى عنه إلى حي من خثعم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قطبه بن عامر في عشرين رجلا إلى حي من خثعم وأمره أن يشن الغارة عليهم فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها فأخذوا رجلا فسألوه فاستعجم عليهم أي سكت ولم يعلمهم بالأمر فجعل يصيح بالحاضر أي وهم القوم النزول على ماء يقيمون به ولا يرتحلون عنه كما تقدم ويحذرهم فضربوا عنقه ثم أمهلوا حتى نام الحاضر فشنوا الغارة عليهم فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثرت الجرحى في الفريقين وساقوا النعم والشاء إلى المدينة وجاء سهيل فحال بينهم وبين القوم فلم يجد القوم إليهم سبيلا وتقدمت الحوالة على هذا
(٢٢١)