أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه أي يريد التوجه إليكم بجيش إلى آخره وبعض الرواة اقتصر على ما في بعض الكتاب والله أعلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا فقال له أتعرف هذا الكتاب قال نعم فقال ما حملك على هذا فقال والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولا بدلت وفي لفظ ما كفرت منذ أسلمت ولا غششت منذ نصحت ولا احببتهم منذ فارقتهم ولكني ليس لي في القوم أهل ولا عشيرة ولي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليهم أي وفي لفظ قال يا رسول الله لا تعجل على إني كنت امرأ ملصقا أي حليفا من قريش وفي كلام بعضهم ما يفيد أن الملصق هو الذي لا نسب له ولا دخل في حلف قال ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابة يحمون أموالهم وأهليهم بمكة ولم يكن لي قرابة فأحببت ان اتخذ فيهم يدا احمى بها أهلي أي وهي أمه ففي بعض الروايات كنت غريبا في قريش وأمي بين أظهرهم فأردت ان يحفظوني فيها وما فعلت ذلك كفرا بعد إسلام وقد علمت أن الله تعالى منزل بهم بأسه لا يغنى عنهم كتابي شيئا فقال رسول الله صلى الله وسلم إنه قد صدقكم فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يا رسول الله دعني لاضرب عنقه فإن الرجل قد نافق وفي لفظ قال له قاتلك الله ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بالأنقاب وتكتب إلى قريش تحذرهم وفي رواية دعني أضرب عنقه لأنه يعلم انك يا رسول الله أخذت على الطريق وأمرت أن لا ندع أحدا يمر ممن تنكره الا رددناه انتهى وأقول مراد سيدنا عمر بقوله قد نافق أي خالف الأمر لا انه اخفى الكفر لقوله صلى الله عليه وسلم قد صدقكم ورأى أن مخالفة امره صلى الله عليه وسلم مقتضية للقتل ولكن رواية البخاري إنه قد صدقكم ولا تقولوا له الا خيرا وعليها يشكل قول عمر المذكور ودعاؤه عليه بقوله قاتلك الله الا ان يقال يجوز ان يكون قول عمر لذلك كان قبل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر وعند قول عمر رضي الله عنه دعني لاضرب عنقه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد شهد بدرا وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وفي رواية فقد وجبت لكم الجنة وفي رواية لا يدخل النار أحد شهد بدرا فعند ذلك فاخت عينا عمر رضي الله عنه بالبكا أي وانزل الله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة) *
(١٢)