قال فاستتروا وفى رواية أنه لما قال صلى الله عليه وسلم اتقوا بيتا يقال له الحمام فقالوا يا رسول الله إنه يذهب بالدرن وينفع المريض الوسخ ويذكر النار قال إن كنتم لا بد فاعلين فمن دخله فليستتر وهو صريح في أن الصحابة رضى الله تعالى عنهم عرفوه في زمنه صلى الله عليه وسلم إلا أن يقال جاز أن يكونوا عرفوه من غيرهم بهذا الوصف لهم والمنفى في كلام هذا البعض معرفتهم له بالدخول فيه ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم بيتا يقال له الحمام وقوله صلى الله عليه وسلم ستفتح عليكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات وأما ما جاء عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه صلى الله عليه وسلم دخل حمام الجحفة فلا يرد لأنه على تقدير صحته فالمراد به أنه محل للاغتسال فيه لا بالهيئة المخصوصة وكذا لا يرد ما في معجم الطبراني الكبير عن أبي رافع أنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بموضع فقال نعم موضع الحمام هذا فبنى فيه حمام لجواز أن يكون بنى ذلك بعد موته صلى الله عليه وسلم فهو من أعلام نبوته قال بعضهم ولعله قال ذلك لقبح الموضع أي فقول بعضهم ويكفى ذلك في فضيلة الحمام ليس في محله وفيه أن هذا البعض لم يعول في الفضيلة على هذا فقط بل عليه وعلى ما رواه البخاري عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما الذي فيه لأنه يذهب بالدرن وينفع المريض ولا يرد أيضا ما في مسند أحمد عن أم الدرداء رضى الله تعالى عنها أنها خرجت من الحمام فلقيها رسول اله صلى الله عليه وسلم فقال لها من أين يا أم الدرداء قالت من الحمام لأن في سنده ضعيفا ومتروكا ولأنه يجوز أن يكون المراد به أنه محل الاغتسال لا أنه المبنى على الهيئة المخصوصة كما تقدم وبه يجاب أيضا عما في مسند الفردوس إن صح عن ابن عمر رضى اله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبى بكر وعمر رضى الله تعالى عنهما وقد خرجا من الحمام طاب حمامكما قال ابن ألقم ولم يدخل المصطفى صلى الله عليه وسلم حماما قط ولعله ما رآه بعينيه هذا كلامه وعن فرقد السنجي أنه ما دخل الحمام نبي قط ويشكل عليه ما تقدم عن سليمان عليه الصلاة والسلام واعترض بعضهم قول ابن القيم لعله صلى الله عليه وسلم ما رأى الحمام بعينه بأنه صلى الله عليه وسلم دخل الشام وبها حمامات كثيرة فيبعد أنه ما رأها نعم لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم دخل شيئا منها
(٨٩)