السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٩٠
وفيه أنه قد يقال هو صلى الله عليه وسلم لم يدخل بلاد الشام إلا بصرى وجاز أن لا يكون بها حمام حين دخوله صلى الله عليه وسلم إليها وفى الطبراني عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما مرفوعا شر البيوت الحمام تعلو فيه الأصوات وتكشف فيه العورات فمن دخله لا يدخله إلا مستترا ورجاله رجال الصحيح إلا شخص منهم فيه مقال وما أحسن قول الإمام الغزالي ورد نعم البيت الحمام يطهر البدن ويذهب الدرن ويذكر النار وبئس البيت الحمام يبدي العورة ويذهب الحياء فهذا تعرض لأنفه وذلك تعرض لفائدته ولا بأس بطلب الفائدة مع التحرز عن الآفة والحاصل أن الحمام تعتريه الأحكام الخمسة فيكون واجبا وحراما ومندوبا ومكروها ومباحا والأصل فيه عندنا معاشر الشافعية الإباحة للرجال مع ستر العورة مكروه للنساء مع ستر العورة حيث لا عذر وهو محمل ما جاء من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا يدخل الحمامات ومع عدم ستر العورة حرام وهو محمل ما جاء الحمام حرام على نساء أمتي وأول من اتخذ الحمام في القاهرة العزيز ابن المعز العبيدي أحد الفواطم قال بعضهم ليس في شأن الحمام ما يعول عليه إلا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في صفة عيسى عليه الصلاة والسلام كأنما خرج من ديماس وقال غيره أصح حديث في هذا الباب حديث اتقوا بيتا يقال له الحمام فمن دخله فليستتر وقال ابن عمر في وصف عيسى عليه الصلاة والسلام إنما هو آدم وحلف بالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل في عيسى إنه أحمر وإنما قال آدم وإنما اشتبه على الراوي وأجاب الإمام النووي بأن الراوي لم يرد حقيقة الحمرة بل ما قاربها أي والحمرة المقاربة لها أي للأدمة يقال لها أدمة أي كما يقال لها حمرة فلا منافاة قال صلى الله عليه وسلم جاعد الشعر أي في شعره تثن وتكسر أقول ينبغي حمل جعد الذي جاء في بعض الروايات وإذا هو بعيسى جعد على هذا ثم رأيت النووي قال قال العلماء المراد بالجعد هنا جعوده الجسم وهو اجتماعه واكتنازه وليس المراد جعودة الشعر فليتأمل والله أعلم تعلوه صهبة أي يعلو شعره
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»