فجلى الله عز وجل لي بيت المقدس أي وجلى بتشديد اللام وربما خففت كشفه لي أي بوجود صورته ومثاله في جناح جبريل وفى رواية فجىء بالمسجد أي بصورته وأنا أنظر إليه حتى وضع أي بوضع محله الذي هو جناح جبريل فلا مخالفة بين الروايات وهذا من باب التمثيل ومنه رؤية الجنة والنار في عرض الحائط لا من باب طي المسافة وزوى الأرض ورفع الحجب المانعة من الاستطراق الذي ادعى الجلال السيوطي أنه أحسن ما يحمل عليه حديث رفع بيت المقدس حتى رآه النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حال وصفه إياه لقريش صبيحة الإسراء إذ ذلك لا يجامع مجىء صورته في جناح جبريل وإنما قلنا إن ذلك من باب التمثيل لأن من المعلوم أن أهل بيت المقدس لم يفقدوه تلك الساعة من بلدهم فرفعه إنما هو برفع محله الذي هو جناح جبريل ثم رأيت ابن حجر الهيتمي قال الأظهر أنه رفع بنفسه كما جئ بعرش بلقيس إلى سليمان عليه الصلاة والسلام في اسرع من طرفة عين ولك أن تتوقف فيه فان عرش بلقيس فقد بخلاف بيت المقدس وكان ذلك التجلي عند دار عقيل وتقدم أنها عند الصفا وأنها استمرت في يد أولاد عقيل إلى أن آلت إلى يوسف أخي الحجاج وأن زبيدة أو الخيزران جعلتها مسجدا لما حجت كما تقدم وتقدم ما فيه قال صلى الله عليه وسلم فطفقت أي جعلت أخبرهم عن آياته أي علاماته وأنا أنظر إليه أي وذلك قبل أن تحول الأبنية بين الحجرتلك الدار أي لقوله صلى الله عليه وسلم فقمت في الحجر وهم يصدقونه صلى الله عليه وسلم على ذلك ومن ثم قيل إن حكمة تخصيص الإسراء إلى المسجد الأقصى أن قريشا تعرفه فيسألونه عنه فيخبرهم بما يعرفونه مع علمهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل بيت المقدس قط فتقوم الحجة عليهم وكذلك وقع وأما قول المواهب ولهذا لم يسألوه صلى الله عليه وسلم عما رأى أي في السماء لأنهم لا عهد لهم بذلك يقتضى سياقه أنه أخبرهم بالمعراج عند إخباره لهم بالإسراء وسيأتي ما يخالفه على أنه سيأتي أنه قيل إن المعراج كان بعد الإسراء في ليلة أخرى وقيل في حكمة ذلك أيضا أن باب السماء الذي يقال له مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس فيحصل العروج مستويا من غير تعويج
(٩٣)