= باب ذكر خبر الطفيل بن عمرو الدوسي وإسلامه رضى الله تعالى عنه كان الطفيل بن عمرو الدوسي شريفا في قومه شاعرا نبيلا قدم مكة فمشى إليه رجال من قريش فقالوا يا أبا الطفيل كنوه بذلك تعظيما ل فلم يقولوا يا طفيل إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل بين أظهرنا قد أعضل أمره بنا اى اشتد وفرق جماعتنا وشتت أمرنا وإنما قوله كالسحر يفرق به بين المرء وأخيه وبين الرجل وزوجته وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما دخل علينا فلا تكلمه ولا تسمع منه قال الطفيل فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أي قصدت وعزمت على أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلمه أي حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا وهو بضم الكاف وسكون الراء ثم سين مهملة مضمومة ثم فاء أي قطنا فرقا أي خوفا من أن يبلغني شئ من قوله فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلى عند الكعبة فقمت قريبا منه فأبى الله إلا أن أسمع بعض قوله أي فسمعت كلاما حسنا فقلت في نفسي أنا ما يخفى على الحسن من القبيح فما يمنعني من أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلت وإن كان قبيحا تركت فمكثت حتى انصرف إلى بيته فقلت يا محمد إن قومك قالوا لي كذا وكذا حتى سددت أذني بكرسف حتى لا أسمع قولك فاعرض على أمرك فعرض عليه الإسلام وتلا عليه القرآن أي قرأ عليه قل هو الله أحد إلى آخرها و قل أعوذ برب الفلق إلى آخرها وقل أعوذ برب الناس إلى آخرها وفيه أنه سيأتي أن نزول قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس كان بالمدينة عندما سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يقال يجوز أن يكون ذلك مما تكرر نزوله فقال والله ما سمعت قط قولا أحسن من هذا ولا أمرا أعدل منه فأسلمت فقلت يا نبي الله إني امرؤ مطاع في قومي وأنا راجع إليهم فأدعوهم إلى الإسلام فادع الله أن يكون لي عونا عليهم قال اللهم اجعل له آية فخرجت حتى إذا كنت بثنية تطلعنى على الحاضر أي وهم النازلون المقيمون على الماء لا يرحلون عنه وكان ذلك في ليلة مظلمة وقع نور بين عيني مثل المصباح فقلت اللهم في غير وجهي فإني أخشى أن
(٦٩)