السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٦٥
كلامه أي التي من تلك الأحاديث أن إبليس قال يا رب لليس أحد من خلقك إلا وقد جعلت له رزقا ومعيشة فما رزقي قال كل مالم يذكر عليه اسمى ومعلوم أن إبليس أبو الجن وأن مالم يذكر اسم الله عليه يشمل عظم الميتة ومقابلة الشياطين بالمؤمنين تدل على أن المراد بهم فسقتهم لا الكفار منهم لأن في كون الكفا رمن الجن اجتمعوا به صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين وأن كلا الفريقين سأله الزاد وأنه خاطب كلا بما يليق به فيه بعد لا سيما مع ما تقدم عن ابن مسعود ومايأتى من قوله إخوانكم من الجن ومن ثم قال بعضهم إن السائلين له صلى الله عليه وسلم الزاد كانوا مسلمين فليتأمل ولما ذكر صلى الله عليه وسلم لهم العظم والروث قالوا يا رسول الله إن الناس يقذرونهما علينا فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنجى بالعظم أو بروثه بقوله فلا يستنقين أحدكم إذا خرج من الخلاء بعظم ولا بعرة ولا روثة لأنه زاد إخوانكم من الجن وفى رواية قالوا له صلى الله عليه وسلم انه أمتك عن الاستنجاء بهما فإن الله تعالى قد جعل لنا فيهما رزقا فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء بالعظم والبعر أي وحرمه نحو البول أو التغوط عليهما تعلم من ذلك بالأولى ومنه يعلم أن مرادهم بالتقذير التنجيس لا ما يشمل التقذير بالطاهر كالبصاق والمخاط وعن جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما قال بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمشى إذ جاءت حية فقامت إلى جنبه صلى الله عليه وسلم وأدنت فاها من أذنه وكأنها تناجيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم فانصرفت قال جابر فسألته فأخبرني أنه رجل من الجن وأنه قال له مر أمتك لا يستنجوا بالروث ولا بالرمة أي العظم لأن الله تعالى جعل لنا في ذلك رزقا ولعل هذا الرجل من الجن لم يبلغه أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولا يخفى أن سؤال الزاد يقتضى أن ذلك لم يكن زادهم وزاد دوابهم قبل ذلك وحينئذ يسأل ما كان زادهم قبل ذلك وقد يقال هو كل مالم يذكر اسم الله عليه من طعام الآدميين وحينئذ يكون ما تقدم في خبر إبليس المراد يمالم يذكر اسم اله عليه غير العظم فليتأمل والنهى عن الاستنجاء يدل على أن ذلك لا يختص بحالة السفر بل هو زادهم بعد ذلك دائما وأبدا
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»