السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٧٣
الخفاء وأما قولها يعنى أم هانىء وصلينا فأرادت به وهيأنا له ما يحتاج إليه في الصلاة كذا أجاب وأقرب منه أنها تكلمت على لسان غيرها أو أنها لم تظهر إسلامها إلا يوم الفتح فليتأمل فقال صلى الله عليه وسلم إن جبريل أتاني وفى رواية أسرى به من شعب أبى طالب قال الحافظ ابن حجر والجمع بين هذه الروايات أنه صلى الله عليه وسلم نام في بيت أم هانىء وبيتها عند شعب أبى طالب ففرج عن سقف بيته الذي هو بيت أم هانىء لأنه صلى الله عليه وسلم كان نائما به فنزل الملك وأخرجه إلى المسجدوكان به أثر النعاس أي فاضطجع فيه عند الحجر فيصح قوله صلى الله عليه وسلم نمت الليلة في المسجد الحرام إلى آخره وفى رواية أنه صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وميكائيل ومعهما ملك آخر أي وهو مضطجع في المسجد في الحجر بين عمه حمزه وابن عمه جعفر رضى الله تعالى عنهما فقال أحدهم خذوا سيد القوم الأوسط بين الرجلين فاحتملوه حتى جاءوا به زمزم فاستقلوه على ظهره فتولاه منهم جبريل فشق من ثغرة نحره وهو الموضع المنخفض بين الترقوتين إلى أسفل بطنه أي وفى رواية إلى مراق بطنه وفى رواية إلى شعرته أي أشار إلى ذلك فانشق فلم يكن الشق في المرات كلها بآلة ولم يسل منه دم ولم يجد لذلك ألما كما تقدم التصريح به في بعض الروايات لأنه من خرق العادات وظهور المعجزات ثم قال جبريل لميكائيل ائتني بطشت من ماء زمزم كيما أطهر قلبه وأشرح صدره فاستخرج قلبه أي فشقه فغسله ثلاث مرات ونزع ما كان فيه من أذى وهذا الأذى يحتمل أن يكون من بقايا تلك العلقة السوداء التي نزعت منه صلى الله عليه وسلم وهو مسترضع في بنى سعد بناء على تجزئتها كما تقدم في المرة الثانية وهو ابن عشر سنين والثالث عند البعث فلا يخالف أن العلقة السوداء نزعت منه صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى وهو مسترضع في بنى سعد ويستحيل تكرار إخراجها وإلقائها والذي ينبغي أن يكون نزع الملك العلقة إنما هو في المرة الأولى والواقع في غيرها إنما هو إخراج الأذى وأنه غير تلك العلقة وأن المراد به ما يكون في الجبليات البشرية وتكرر إخراج ذلك الأذى استئصاله ومبالغة فيه وذكر العلقة في المرة الأولى وقول الملك هذا حظ الشيطان وهم من بعض الرواة
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»