السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٥
ولذلك حكم علي انه أشجع الناس وبه يرد قول الشيعة والرافضة ان الخلافة لا يستحقها الا علي لأنه أشجع الناس أي وهذا كان قبل ان يلتحم القتال والا فبعد التحامه كان علي على باب العريش الذي به صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وسعد بن معاذ قائمان على باب العريش في نفر من الأنصار كما سيأتي ومما استدل على أن أبا بكر أشجع من علي ان عليا اخبره النبي صلى الله عليه وسلم انه لا يقتله الا ابن ملجم فكان إذا دخل الحرب ولاقى الخصم علم أنه لا قدرة له على قتله فهو معه كالنائم على فراشه واما أبو بكر فلم يخبر بقاتله فكان إذا دخل الحرب لا يدري هل يقتل أولا ومن هذه حاله يقاسي من التعب مالا يقاسيه غيره ومم يدل على ذلك ما وقع له في قتال أهل الردة وتصميمه العزم على مقاتلة مانعي الزكاة مع تثبيط سيدنا عمر له عن ذلك فلما كان الصباح أقبلت قريش من الكثيب هذا يؤيد القول بأنه صلى الله عليه وسلم سار بأصحابه ليلا يبادرهم إلى الماء لان ذلك بعد طلوع الفجر وصلاة الصبح كما تقدم لأن الظاهر من قول الراوي أقبلت أي عليهم هم ماكثون ويؤيده أيضا ما في مسلم عن انس رضى الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلة بدر أي بعد ان وصل إلى محل الوقعة هذا مصرع فلان إن شاء الله غدا ووضع يده على الأرض وهذا مصرع فلان ههنا وهذا مصرع فلان ههنا قال انس ما ماط أحدهم عن موضع يده صلى الله عليه وسلم أي ما تنحى فليتأمل الجمع ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا وقد أقبلت بالدروع الساترة والجموع الوافرة والأسلحة الشاكية أي التامة قال اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها أي كبرها وعجبها وفخرها تجادلك أي تعايك وتخالف امرك وتكذب رسولك فنصرك أي انجز نصرك الذي وعدتني أي وفي لفظ اللهم انك أنزلت على الكتاب وأمرتني بالثبات ووعدتني احدى الطائفتين أي وقد فاتت إحداهما وهي العير وانك لا تخلف الميعاد اللهم أحبهم أي أهلكهم الغداة وفي رواية اللهم لا تفلتن أبا جهل فرعون هذه الأمة اللهم لا تفلتن زمعة بن الأسود اللهم واسحق عين أبي زمعة واعم بصر أبي زمعة اللهم لا تفلتن سهيلا الحديث ولما اطمأنت قريش ارسلوا عمير بن وهب الجمحي أي رضى الله تعالى عنه
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»