السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٣٠
ورأيت بعضهم ذكر أن فاعل دنا جبريل وفاعل تدلى محمد صلى الله عليه وسلم أي سجد لربه سبحانه وتعالى شكرا على ما أعطى من الزلفى ورأيت بعضا آخر ذكر أن فاعل تدلى الرفرف وفاعل دنا محمد صلى الله عليه وسلم أي تدلى الرفرف لمحمد صلى الله عليه وسلم حتى جلس عليه ثم دنا محمد صلى الله عليه وسلم من ربه سبحانه وتعالى أي قرب قرب منزلة وتشريف لا قرب مكان تعالى الله عز وجل عن ذلك قال صلى الله عليه وسلم وسألني ربى فلم أستطع أن أجيبه عز وجل فوضع يده عز وجل بين كتفي بلا تكييف ولا تحديد أي يد قدرته تعالى لأنه سبحانه منزه عن الجارحة فوجدت بردها فأورثنى علم الأولين والآخرين وعلمني علوما شتى فعلم أخذ على كتمانه إذ علم أنه لا يقدر على حمله غيرى وعلم خيرني فيه وعلم أمرني بتبليغه إلى العام والخاص من أمتي وهى الإنس والجن أي وكذلك الملائكة على ما تقدم أقول هذا التفصيل يدل على أن العلوم الشتى هي هذه العلوم الثلاثة إلا أن يقال كل علم من هذه الثلاثة يشتمل على أنواع من العلوم والله أعلم قال صلى الله عليه وسلم ثم قلت اللهم إنه لما لحقني استيحاش سمعت مناديا ينادى بلغة تشبه لغة أبى بكر فقال لي قف فإن ربك يصلى فعجبت من هاتين هل سبقني أبو بكر إلى هذا المقام وإن ربى لغنى أن يصلى فقال تعالى أنا الغنى عن أن أصلى لأحد وإنما أقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتي غضبى اقرأ يا محمد * (هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما) * فصلاتى رحمة لك ولأمتك وأما أمر صاحبك يا محمد فإن أخاك موسى كان أنسه بالعصا فلما أردنا كلامه قلنا وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي وشغل بذكر العصا عن عظيم الهيبة وكذلك أنت يا محمد لما كان أنسك بصاحبك أبى بكر خلقنا ملكا على صورته ينادى بلغته ليزول عنك الاستيحاش لما يلحقك من عظم الهيبة أقول لعل المراد خلقنا صورة على صورة صوته لأنه ليس في الرواية أنه رأى ذلك الملك على صورة أبى بكر وإنما سمع صوته والله أعلم ثم قال الله عز وجل يا محمد وأين حاجة جبريل فقلت اللهم إنك أعلم فقال يا محمد قد أجبته فيما سأل ولكن فيمن أحبك وصحبك
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»