وفى الحديث ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهى في الجنة حتى الحنظل والذي نفس محمد بيده لا يقطف رجل ثمرة من الجنة فتصل إلى فيه حتى يبدل الله مكانها خيرا منها وهذا القسم يرشد إلى أن ثمرة الجنة كلها حلوة تؤكل وأنها تكون على صورة ثمرة الدنيا المرة وفى كلام الشيخ محيي الدين بن العربي فاكهة الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة أي تؤكل من غير قطع أي يؤكل منها فالأكل موجود والعين باقية في غصن الشجرة وليس المراد أن الفاكهة غير مقطوعة في شتاء ولا صيف أو يخلق مكان قطعها أخرى على الفور كما فهمه بعضهم فعين ما يأكل العبد هو عين ما يشهد وأطال في ذلك وكأنه لم يقف على هذا الحديث أو لم يثبت عنده فليتأمل قال ويخرج من أصل تلك الشجرة أربعة أنهار نهران باطنان أي يبطنان ويغيبان في الجنة بعد خروجهما من أصل تلك الشجرة ونهران ظاهران أي يستمران ظاهرين بعد خروجهما من أصل تلك الشجرة فيجاوزان الجنة فقال ما هذه أي الأنهار يا جبريل قال أما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات انتهى أقول قول جبريل أما الباطنان ففي الجنة لا يحسن أن يكون جوابا عن هذا السؤال أي الذي هو سؤال عن بيان الحقيقة ويحصل بذكر اسمها فكان المناسب بحسب الظاهر أن يقول وأما الباطنان فنهر كذا ونهر كذا وهذا السياق يدل على أن النيل والفرات يمران في الجنة ويجاوزانها وأن ما عداهما كسيحان وجيحان بناء على أنهما ينبعان من أصل شجرة المنتهى يغيبان فيها ولا يجاوزانها والنيل نهر مصر والفرات نهر الكوفة ويحتمل أن النهرين اللذين هما ما عدا النيل والفرات بناء على أنهما سيحان وجيحان يبطنان في الجنة ولا يظهران إلا بعد خروجهما منها لوجودهما في الخارج بخلاف النيل والفرات فإنهما يستمران ظاهرين فيها إلى أن يخرجا منها وقد جاء في حديث ما من يوم إلا وينزل ماء من الجنة في الفرات قال بعضهم ومصداقه أن الفرات مد في بعض السنين فوجد فيه رمان كل واحدة مثل البعير فيقال إنه رمان الجنة وهذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الأحاديث الواهية وفى حديث موقوف على ابن عباس إذا حان خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله تعالى جبريل فرفع من الأرض هذه الأنهار والقرآن والعلم والحجر والمقام وتابوت موسى بما فيه إلى السماء
(١٢٥)