السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
وفي لفظ أن الحجاج لما ظفر بابن الزبير كتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن ابن الزبير زاد في الكعبة ما ليس فيها وأحدث فيها بابا آخر واستأذن في رد ذلك على ما كانت عليه في الجاهلية فكتب إليه عبد الملك أن يسد بابها الغربي ويهدم ما زاد فيها من الحجر ففعل ذلك الحجاج فسائرها قبل وقوع هذا الهدم بالسيل الواقع في سنة تسع وثلاثين بعد الألف فبنيانه على بنيان ابن الزبير إلا الحجاب الذي يلي الحجر فإنه من بنيان الحجاج أي والبناء الذي تحت العتبة وهو أربعة أذرع وشبر فإن باب الكعبة كان على عهد العماليق وجرهم وإبراهيم عليه الصلاة والسلام لاصقا بالأرض حتى رفعته قريش كما تقدم وما سد به الباب الغربي والردم كان بالحجارة التي كانت داخل أرض الكعبة أي التي وضعها عبد الله بن الزبير أي ولعله إنما وضع في ذلك المحل الحجارة التي تصلح للبناء فلا ينافي ما أخبرني به بعض الثقات أن بعض بيوت مكة كان فيها بعض الحجارة التي أخرجت من الكعبة زمن عبد الله بن الزبير ويقال إن ذلك البيت الذي كان فيه تلك الحجارة كان بيتا لعبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه وبناء الحجاج كان في السنة التي قتل فيها عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه وهي سنة ثلاث وسبعين قيل ولما دخل عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه وهو محاصر حاصره الحجاج خمسة أشهر وقيل سبعة أشهر وسبع عشرة ليلة على أمه أسماء رضي الله تعالى عنهما قبل قتله بعشرة أيام وهي شاكية أي مريضة فقال لها كيف تجدينك يا أمه قالت ما أجدني إلا شاكية فقال لها إن في الموت لراحة فقالت لعلك تبغيه لي ما أحب أن أموت حتى يأتي على أحد طرفيك إما قتلت وإما ظفرت بعدوك فقرت عيني ولما كان اليوم الذي قتل فيه دخل عليها في المسجد فقالت له يا بني لاتقبلن منهم خطة تخاف فيها على نفسك الذي تخافه القتل فوالله لضربة بالسيف في عز خير من ضربة سوط في ذل ويقال إن الناس لا زالوا يتنقلون عن ابن الزبير إلى الحجاج لطلب الأمان وهو يؤمنهم حتى خرج إليه قريب من عشرة آلاف حتى كان من جملة من خرج إليه حمزة وخبيب ابنا عبد الله بن الزبير وأخذ لأنفسهما أمانا من الحجاج فأمنهما ودخل عبد الله على أمه فشكا إليها خذلان الناس له وخروجهم إلى الحجاج حتى
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»