السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٩٤
عليها * (قل هو الله أحد الله الصمد) * أي على أحد وجهي الدراهم * (قل هو الله أحد) * وعلى وجهه الثاني * (الله الصمد) * ولم توجد الدراهم الإسلامية إلا في زمن عبد الملك بن مروان وكانت الدراهم قبل ذلك رومية وكسروية وفي زمن الخليفة المستنصر بالله وهو السابع والثلاثون من خلفاء بني العباس ضرب دراهم وسماها النقرة وكانت كل عشرة بدينار وذلك في سنة أربع وعشرين وستمائة ولما دخل سليمان بن عبد الملك المدينة سأل هل بالمدينة أحد أدرك أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أبو حازم فأرسل إليه فلما دخل عليه سأله فقال يا أبا حازم مالنا نكره الموت فقال لأنكم أخربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فكرهتم أن تنقلوا من عمران إلى خراب فقال له وكيف القدوم على الله قال أما المحسن فكغائب يقدم على أهله وأما المسئ فكآبق يقدم على مولاه فبكى سليمان وقال يا ليت شعري ما لنا عند الله قال اعرض عملك على كتاب الله تعالى فقال في أي مكان أجده فقال في قوله تعالى * (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) * قال سليمان فأين رحمة الله قال قريب من المحسنين قال فأي عبادالله أكرم قال أولو المروءة وجاء أعرابي إلى سليمان بن عبد الملك هذا فقال يا أمير المؤمنين إني أكلمك بكلام فاحتمله فإن وراءه إن قبلته ما تحب فقال سليمان هاته يا أعرابي فقال الأعرابي إني طلق لساني بما خرست عنه الألسن تأدية لحق الله إنه قد أكتنفك رجال قد أساءوا الاختيار لأنفسهم وابتاعوا دنياك بدينهم ورضاك بسخط ربهم وخافوك في الله ولم يخافوا الله فيك فهم حرب للآخرة وسلم للدنيا فلا تأمنهم على ما استخلفك الله عليه فإنهم لن يبالوا بالأمانة وأنت مسؤول عما اجترموا فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك فإن أعظم الناس عند الله عيبا من باع آخرته بدنيا غيره فقال له سليمان أنت ما أنت بأعرابي فقد سللت لسانك وهو سيفك قال أجل يا أمير المؤمنين لك لا عليك ولما حج بالناس قال لولد عمه وولى عهده عمر بن عبد العزيز ألا ترى هذا الخلق الذي لا يحصى عددهم إلا الله تعالى ولا يسع رزقهم غيره فقال يا أمير المؤمنين
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»