السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٨٨
فقد قال الشيخ محي الدين بن العربي اعلم أن الله تعالى قد عفا عن جميع الخواطر التي لا تستقر عندنا إلا بمكة لأن الشرع قد ورد أن الله يؤاخذ فيه من يرد فيه بإلحاد بظلم وكان هذا سبب سكني عبد الله بن عباس بالطائف احتياطا لنفسه لأنه ليس في قدرة الإنسان أن يدفع عن قلبه الخواطر قال بعضهم كان يقال من أراد الفقه والجمال والسخاء فليأت دار العباس الجمال للفضل والسخاء لعبيد الله والفقه لعبد الله قال ولما حج عبد الملك أي وذلك في سنة خمس وسبعين قال له الحارث أنا أشهد لابن الزبير بالحديث الذي سمعه من خالته عائشة رضي الله تعالى عنها قال أنت سمعته منها قال نعم فجعل ينكت بالمثناة فوق بقضيب كان في يده الأرض ساعة ثم قال وددت أني كنت تركته يعنى ابن الزبير وما تحمل وفي رواية أن عبد الملك كتب إلى الحجاج وددت أنك تركت ابن الزبير وما تحمل وهذا هو الموافق لما في تاريخ الأزرقي أن الحرث وفد على عبد الملك بن مروان في خلافته فقال له عبد الملك ما أظن أنا خبيب يعني ابن الزبير سمع من عائشة رضي الله تعالى عنها ما كان يزعم أنه سمع منها في بناء الكعبة قال الحرث أنا سمعته منها قال عبد الملك أنت سمعته منها الحديث وكون عائشة حدثت ابن الزبير بما ذكر لا ينافي ما في تاريخ ابن كثير عن بعضهم قال سمعت ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما يقول حدثتني أمي أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لولا قرب عهد قومك بالكفر لرددت الكعبة على أساس إبراهيم عليه الصلاة والسلام الحديث وفي رواية أن عائشة رضي الله تعالى عنها نذرت إن فتح الله مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تصلى في البيت ركعتين فلما فتحت مكة أي وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يفتح لها باب الكعبة ليلا فجاء عثمان بن طلحة بالمفتاح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إنها لم تفتح ليلا قط قال فلا تفتحها ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها وأدخلها الحجر وقال صلى ههنا فإن الحطيم أي الحجر من البيت إلا أن قومك قصرت بهم النفقة أي الحلال فأخرجوه من البيت ولولا حدثان قومك بالجاهلية لنقضت بناء الكعبة
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»