السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٨٤
أولاده وأهله وأنه لم يبق معه إلا اليسير والقوم يعطونني ما شئت من الدنيا فما رأيك فقالت يا بني أنت أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق وتدعوا إلى حق فاصبر عليه فقد قتل أصحابك عليه ولا تمكن من رقبتك تلعب بها غلمان بني أمية وإن كنت إنما أردت الدنيا فلبئس العبد أنت أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك كم خلودك في الدنيا فدنا منها وقبل رأسها وقال والله ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله أن تستحل حرمته وبعد أن قتل وصلب على الجذع فوق الثنية ومضت ثلاثا أيام جاءت أمه أسماء رضي الله تعالى عنها تقاد لأن بصرها كان قد كف حتى وقفت عليه فدعت له طويلا ولم يقطر من عينها دمعة وقالت للحجاج أما آن لهذا الراكب أن ينزل فقال لها الحجاج المنافق رأيت كيف نصر الله الحق وأظهر أن ابنك ألحد في هذا البيت وقد قال تعالى * (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) * وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم وفي كلام سبط ابن الجوزي أن ابن الزبير لما قال لعثمان رضي الله تعالى عنه وهو محاصر إن عندي نجائب أعددتها لك فهل لك أن تنجو إلى مكة فإنهم لا يستحلونك بها قال له عثمان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يلحد رجل في الحرم من قريش أو بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم فلن أكون أنا وفي رواية قال له لا لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله عليه مثل نصف أوزار الناس هذا كلامه وعندي أن المراد بعبد الله الحجاج لا ابن الزبير ولا مانع أن يكون الحجاج من قريش على أن الذي في الصواعق لابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى أن القائل لعثمان ذلك المغيرة بن شعبة ولما سمعت سيدتنا أسماء رضي الله تعالى عنها الحجاج يقول في ولدها المنافق قالت له كذبت والله ما كان منافقا ولكنه كان صواما قواما برا كان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة وسر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحنكه بيده وكبر المسلمون يومئذ حتى ارتجت المدينة فرحا به كان عاملا بكتاب الله حافظا لحرم الله يبغض أن يعصى الله عز وجل قال انصرفي فإنك عجوز قد خرفت قالت والله ما خرفت ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج من ثقيف كذاب ومبير
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»