أخذ ما وجد عندها ثم قال لها هات الذهب وإلا قتلتك وقتلك ولدك فقالت له ويحك إن قتلته فأبوه أبو كبشة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا من النسوة اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الصبي من حجرها وثديها في فمه وضرب به الحائط حتى انتثر دماغه في الأرض فما خرج من البيت حتى أسود نصف وجهه وصار مثلة في الناس قال السهيلي وأحسب هذه المرأة جدة للصبي لا أما له إذ يبعد في العادة أن تبايع امرأة وتكون يوم الحرة في سن من ترضع أي ولدا صغيرا لها ووقعة الحرة هذه من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم وقف بهذه الحرة وقال ليقتلن بهذا المكان رجال هم خيار أمتي بعد أصحابي وعن عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه أنه قال لقد وجدت قصة هذه الوقعة في كتاب يهوذ بن يعقوب الذي لم يدخله تبديل وأنه يقتل فيها رجال صالحون يجيئون يوم القيامة وسلاحهم على عواتقهم وهذه الوقعة كانت سنة ثلاث وستين ويقال كان يزيد أعذر أهل المدينة قبل هذه الوقعة فيما ذكروه وبذل لهم من العطاء أضعاف ما يعطى الناس رغبة في إستمالتهم إلى الطاعة وتحذيرهم من الخلاف ولكن يأبى الله إلا ما أراد وفي التنوير أن الله ابتلى أمير هذا الجيش الذي هو مسلم بن قتيبة بعد ثلاثة أيام من أخذه البيعة بمرض صار ينبح منه كالكلب إلى أن مات وولى أمر الجيش بعده الحصين ابن نمير بأمر يزيد فإنه وصى مسلم بن قتيبة لما ولاه إمرة الجيش وقال له إذا أشرفت على الموت أي لأنه كان مريضا بالإستسقاء فول أمر الجيش للحصين وهذا الذي وقع من يزيد فيه تصديق لقوله صلى الله عليه وسلم لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد وقد جاء عن سعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنه لقد رأيتني ليالي الحرة وما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري وما يأتي وقت صلاة إلا سمعت الأذان والإقامة من القبر الشريف
(٢٦٩)