السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٧١
الحسين رضي الله تعالى عنه قام ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما في الناس يعظم قتل الحسين وجعل يظاهر بعيب يزيد ويذكر شربه الخمر وغير ذلك ويثبط الناس عن بيعته ويذكر مساوى بني أمية ويطنب في ذلك ولما بلغ يزيد ذلك أقسم أن لا يؤتى به إلا مغلولا فجاء إليه رجل من أهل الشام في خيل من خيل الشام وتكلم مع ابن الزبير وعظم على ابن الزبير الفتنة وقال لا يستحل الحرم بسببك فإن يزيد غير تاركك ولا تقوى عليه وأقسم أن لا يؤتى بك إلا مغلولا وقد عملت لك غلا من فضة وتلبس فوقه الثياب وتبر قسم أمير المؤمنين فالصلح خير عاقبة وأجمل بك وبه فقال له أنظر في أمري ثم دخل على أمه أسماء رضي الله تعالى عنها واستشارها فقالت يا بني عش كريما أو مت كريما ولا تمكن بني أمية من نفسك فتلعب بك فامتنع وصار يبايع الناس سرا ثم أظهر المبايعة فاجتمع عليه أهل الحجاز ولحق به من انهزم من وقعة الحرة فلما جاء الجيش إلى مكة حاصر عبد الله وضرب بالمنجنيق نصبه على أبي قبيس قيل وعلى الأقمر وهم أخشبا مكة فأصاب الكعبة من ناره ما حرق ثيابها وسقفها فإن الكعبة كانت في زمن قريش مبنية مدماك من خشب الساج ومدماك من حجارة كما تقدم وذكر في الشرف أن الله تعالى بعث عليهم صاعقة بعد العصر فأحرقت المنجنيق وأحرقت تحته ثمانية عشر رجلا من أهل الشام ثم عملوا منجنيقا آخر فنصبوه على أبي قبيس ويذكر أن النار لما أصابت الكعبة أنت بحيث يسمع أنينها كأنين المريض آه آه وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم فقد جاء إنذاره صلى الله عليه وسلم بتحريق الكعبة فعن ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنتم إذا مرج الدين فظهرت الرغبة والرهبة وحرق البيت العتيق وفي العرائس إن أول يوم تكلم الناس في القدر ذلك اليوم فقيل إحراق الكعبة من قدر الله وقيل ليس من قدر الله والمتكلم بذلك حينئذ قيل أبو معبد الجهني وقيل أبو الأسود الدؤلي وقيل غير ذلك وقوله أول يوم تكلم الناس في القدر لعل المراد أول يوم اشتهر واستفيض فيه الكلام من الناس في القدر فلا يخالف ما حكى أن شخصا قال لعلي رضي الله تعالى عنه وهو بصفين يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا هذا أكان بقضاء الله وقدره فقال
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»