هذا وقد رأيت عن بعض حواشي الكشاف أن أعداء عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما هم الذين كانوا يكنونه بأبي خبيب لأن خبيبا كان من أخس أولاده ويرده قول بعضهم يغلب للشرف كالخبيبين لخبيب بن عبد الله بن الزبير وأخيه مصعب وذكر ابن الجوزي أيضا فيمن ضرب بالسياط من العلماء سعيد بن المسيب ضربه عبد الملك بن مروان مائة سوط لأنه بعث ببيعة الوليد إلى المدينة فلم يبايع سعيد فكتب أن يضرب مائة سوط ويصب عليه جرة ماء في يوم شات ويلبس جبة صوف ففعل به ذلك أي كما فعل بخبيب ثم رأيت في تاريخ الحافظ ابن كثيرة لما عهد عبد الملك لولده الوليد في حياته وانتهت البيعة إلى المدينة امتنع سعيد بن المسيب أن يبايع فضربه نائب المدينة ستين سوطا وألبسه ثيابا من شعر وأركبه جملا وطاف به في المدينة ثم أودع السجن فلما بلغ ذلك عبد الملك أرسل يعنف والي المدينة على ذلك ويأمره بإخراجه من الحبس هذا كلامه وفي كلام البلاذري وكان جابر بن الأسود عاملا لابن الزبير على المدينة وهو الذي ضرب سعيد بن المسيب ستين سوطا إذ لم يبايع لابن الزبير هذا كلامه إلا أن يقال لا مانع أن يكون سعيد فعل به الأمران لأن ولاية ابن الزبير سابقة على ولاية عبد الملك والد الوليد ثم رأيت الحافظ ابن كثير صرح بذلك حيث ذكر أن سعيد بن المسيب ضرب بالسياط المذكورة وفعل به ما تقدم لما امتنع من المبايعة لابن الزبير وفعل به ذلك أيضا لما امتنع من البيعة للوليد وفي طبقات الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله تعالى في ترجمة سعيد بن المسيب وضربه عبد الملك بن مروان حيث امتنع من مبايعته وألبسه المسوح ونهى الناس عن مجالسته فكان كل من جلس إليه يقول له قم لا تجالسني فإنهم قد جلدوني ومنعوا الناس عن مجالستي هذا كلامه إلا أن يقال المراد امتنع من قبول مبايعة عبد الملك لولده الوليد فلا مخالفة وإنما امتنع سعيد بن المسيب من المبايعة للوليد لأنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه سيكون في هذه الأمة رجل يقال له الوليد فهو شر لأمتي من فرعون لقومه وفي رواية هو أضر على أمتي من فرعون على قومه زاد
(٢٦٥)