السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٣٨
صلى الله عليه وسلم فسكن فلما أراد أن يخلق السماوات والأرض أرسل الريح على ذلك الماء فتموج فعلاه دخان فخلق من ذلك الدخان السماوات ثم أزال ذلك الماء عن موضع الكعبة فيبس وفي لفظ أرسل على الماء ريحا هفافة فصفق الريح الماء أي ضرب بعضه بعضا فأبرز عنه خشفة الحديث وبسط الله سبحانه وتعالى من ذلك الموضع جميع الأرض طولها والعرض فهي أصل الأرض وسرتها وقد يخالفه ما في أنس الجليل كذا روى عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال وسط الدنيا بيت المقدس وأرفع الأرضين كلها إلى السماء بيت المقدس وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومعاذ بن جبل أنه أقرب إلى السماء بإثنى عشر ميلا ثم بين ذلك في أنس الجليل ولما ماجت الأرض وضع عليها الجبال فكان أول جبل وضع عليها أبو قبيس وحينئذ كان يبغي أن يسمى أبا الجبال وأن يكون أفضلها مع أن أفضلها كما قال الجلال السيوطي استنباطا أحد لقوله صلى الله عليه وسلم أحد يحبنا ونحبه ولما ورد أنه على باب من أبواب الجنة قال ولأنه من جملة أرض المدينة التي هي أفضل البقاع أي عنده تبعا لجمع ولأنه مذكور في القرآن بإسمه في قراءة من قرأ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد أي بضم الهمزة والحاء ثم فتق الأرض فجعلها سبع أرضين وقد جاء بدأ الله خلق الأرض في يومين غير مدحوة ثم خلق السماوات فسواهن في يومين ثم دحا الأرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي وغيرها في يومين وبهذا يظهر التوقف في قول مغلطاي إن لفظة بعد في قوله تعالى * (والأرض بعد ذلك دحاها) * بمعنى قبل لأن خلق الأرض قبل خلق السماء لما علمت أن الأرض خلقت قبل السماء غير مدحوة ثم بعد خلق السماء دحى الأرض ثم رأيت بعضهم سأل ابن عباس عن ذلك حيث قال له يا إمام اختلف على من القرآن آيات ثم ذكر منها أنه قال قال الله تعالى * (أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) * حتى بلغ * (طائعين) * ثم قال في الآية الأخرى * (أم السماء بناها) * ثم قال * (والأرض بعد ذلك دحاها) * فأجابه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أما قوله * (خلق الأرض في يومين) * فإن الأرض خلقت قبل السماء وكانت السماء دخانا فسواهن سبع سماوات في يومين بعد خلق الأرض وأما قوله تعالى * (والأرض بعد ذلك دحاها) * يقول جعل
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»