ولا ينافي ذلك قوله صلى الله عليه وسلم إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وقوله صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا أي شرعنا ما ليس منه فهو رد عليه لأن هذا عام أريد به خاص فقد قال إمامنا الشافعي قدس الله سره ما أحدث وخالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو أثرا فهو البدعة الضلالة وما أحدث من الخبر ولم يخالف شيئا من ذلك فهو البدعة المحمودة وقد وجد القيام عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم من عالم الأمة ومقتدى الأئمة دينا وورعا الإمام تقي الدين السبكي وتابعه على ذلك مشايخ الإسلام في عصره فقد حكى بعضهم أن الإمام السبكي اجتمع عنده جمع كثير من علماء عصره فأنشد منشد قول الصرصري في مدحه صلى الله عليه وسلم * قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب * على ورق من خط أحسن من كتب * وأن تنهض الأشراف عند سماعه * قياما صفوفا أو جثيا على الركب * فعند ذلك قام الإمام السبكي رحمه الله وجميع من في المجلس فحصل أنس كبير بذلك المجلس ويكفى مثل ذلك في الاقتداء وقد قال ابن حجر الهيتمي والحاصل أن البدعة الحسنة متفق على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك أي بدعة حسنة ومن ثم قال الإمام أبو شامة شيخ الإمام النووي ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء مشعر بمحبته صلى الله عليه وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكر الله على ما من به من إيجاد رسوله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين هذا كلامه قال السخاوي لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة وإنما حدث بعد ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم قال ابن الجوزي من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام وأول من أحدثه من الملوك صاحب أربل وصنف له ابن دحية كتابا في المولد سماه التنوير بمولد البشير النذير فأجازه بألف دينار وقد استخرج له الحافظ ابن حجر
(١٣٧)