السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤١٩
أقول قد يقال لا يلزم من النزول في قاب قوسين أن يكون مشافهة من غير حجاب وقوله فقال يا محمد ألم أجدك إلى آخره ليس هذا نص التلاوة وإن هذا ظاهر في أن المتلو الدال على ما ذكر نزل قبل ذلك وأن هذا تذكير به والله أعلم ومن حالات الوحي أنه أوحى إليه بلا واسطة ملك مناما كما في حديث معاذ أتاني ربي وفي لفظ رأيت ربي في أحسن صورة أي خلقة فقال فيما يختصم الملأ الأعلى يا محمد قلت أنت أعلم أي رب فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السماء والأرض أي وفي كلام الشيخ محيي الدين بن العربي رضي الله تعالى عنه فهذا علم حاصل لا عن قوة من القوى الحسية أو المعنوية وهذا لا يبعد أن يقع مثله للأولياء بطريق الإرث أي تجلى له الحق بالتجلي الخاص الذي ما ذكر عبارة عنه وفي رواية فعلمت علم الأولين والآخرين أي ومن حالات الوحي رؤيا النوم قال صلى الله عليه وسلم رؤيا الأنبياء وحي كما تقدم ومن حالاته العلم الذي يلقيه الله تعالى في قلبه عند الإجتهاد في الأحكام بناء على ثبوته لا بواسطة ملك وبذلك فارق النفث في الروع وبذكر هذه الأنواع للوحي يعلم أن ما تقدم من حصره في الحالتين المذكورتين عند سؤال الحارث له صلى الله عليه وسلم أغلبي أو أن ما عداهما وقع بعد سؤال الحارث له وفي ينبوع الحياة عن ابن جرير ما نزل جبريل بوحي قط إلا وينزل معه من الملائكة حفظة يحيطون به وبالنبي الذي يوحى إليه يطردون الشياطين عنهما لئلا يسمعوا ما يبلغه جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الغيب الذي يوحيه إليه فيلقوه إلى أوليائهم ثم رأيته في الإتقان ذكر أن من القرآن ما نزل معه ملائكة مع جبريل تشيعه من ذلك سورة الأنعام شيعها سبعون ألف ملك وفاتحة الكتاب شيعها ثمانون ألف ملك وآية الكرسي شيعها ثمانون ألف ملك وسورة يس شيعها ثلاثون ألف ملك * (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) * شيعها عشرون ألف ملك ولعل هذا لا ينافي ما تقدم من أن الغرض من تساقط النجوم عند البعثة حراسة السماء من استراق الشياطين لما يوحى لجواز أن يكون هذا لحفظ ما يوحى من إستراقه في الأرض وبين السماء والأرض
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»