السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤١٤
ومنها أن يطلب ولا يستعجل الإجابة وفي حديث ضعيف اطلبوا الحوائج بعزة النفس فإن الأمور تجرى بالمقادير ومن حالات الوحي أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس وهي أشد الأحوال عليه صلى الله عليه وسلم أي لما قيل إنه كان يأتيه في هذه الحالة بالوعيد والنذارة أقول روى الشيخان عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن الحارث بن هشام رضي الله تعالى عنه وهو أخو أبو جهل لأبويه وكان يضرب به المثل في السودد حتى قال الشاعر * أحسبت أن أباك حين تسبني * في المجد كان الحارث بن هشام * أولى قريش بالمكارم والندى * في الجاهلية كان والإسلام * أسلم يوم الفتح وسيأتي أنه استجار في ذلك اليوم بأم هانئ أخت علي بن أبي طالب وأراد علي قتله فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ وحسن إسلامه وشهد حنينا وكان من المؤلفة كما سيأتي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي أي حامله الذي هو جبريل قال أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيقصم بالفاء أي يقلع عني وقد وعيت ما قال وفي رواية يأتيني أحيانا له صلصلة كصلصلة الجرس وأحيانا يتمثل لي الملك الذي هو حامل الوحي رجلا أي يتصور بصورة الرجل وفي رواية في صورة الفتي فيكلمني فأعي ما يقول وروى أنه في الحالة الثانية ينفلت منه ما يعيه بخلاف الحالة الأولى ونص هذا الرواية كان الوحي يأتيني على نحوين يأتيني جبريل فيلقيه على كما يلقى الرجل على الرجل فذلك ينفلت مني ويأتيني في شيء مثل صوت الجرس حتى يخالط قلبي فذاك الذي لا ينفلت مني قيل وإنما كان ينفلت منه في الحالة الأولى لشدة تأنسه بحامله لأنه يأتي إليه في صورة يعهدها ويخاطبه بلسان يعهده فلا يثبت فيما ألقى إليه بخلافه في الحالة الثانية لأن سماع مثل هذاالصوت الذي يفزع منه القلب مع عدم رؤية أحد يخاطبه إذا علم أنه وحي واضطر إلى التثبيت في ذلك وقولنا أي حامله يخالف قول الحافظ ابن حجر حيث ذكر أن قوله مثل صلصة الجرس بين بها صفة الوحي لا صفة حامله وفيه أن ذلك لا يناسب قوله وقد وعيت ما قال وقول بعضهم الصلصلة المذكورة
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»