السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٢١
ومن ثم حزن لذلك حزنا شديدا حتى غدا مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما وافى بذروة كي يلقى نفسه منها تبدي له جبريل عليه السلام فقال يا محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه أي قلبه وتقر نفسه ويرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا وافى ذروة جبل تبدى له مثل ذلك قال وفي رواية أنه لما فتر الوحي عنه صلى الله عليه وسلم حزن حزنا شديدا حتى كان يغدو إلى ثبير مرة وإلى حراء مرة أخرى يريد أن يلقى نفسه منه فكلما وافى ذروة جبل منهما كي يلقى نفسه تبدي له جبريل فقال يا محمد أنت رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه ويرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي عاد لمثل ذلك وكانت تلك المدة أربعين يوما وقيل خمسة عشر يوما وقيل اثنى عشر يوما وقيل ثلاثة أيام قال بعضهم وهو الأشبه بحاله عند الله تعالى انتهى أقول ويبعد هذا الأشبه قوله فإذا طالت عليه فترة الوحي والله أعلم وفي الأصل وهذه الفترة لم يذكر لها ابن إسحاق مدة معينة أقول في فتح الباري أن ابن إسحاق جزم بأنها ثلاث سنين والله أعلم قال أبو القاسم السهيلي وقد جاء في بعض الأحاديث المسندة أن مدة هذه الفترة كانت سنتين ونصف سنة أي وفي كلام الحافظ ابن حجر وهذا الذي اعتمده السهيلي لا يثبت وقد عارضه ما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن مدة الفترة كانت أياما أي وأقلها ثلاثة أي وتقدم ما فيه قال قال بعض الحفاظ والظاهر والله أعلم أنها أي مدة الفترة كانت بين اقرأ و * (يا أيها المدثر) * هي المدة التي اقترن معه فيها إسرافيل كما قال الشعبي انتهى أقول ويوافق ذلك ما في الإستيعاب لابن عبد البر أن الشعبي قال أنزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين وقرن بنبوته إسرافيل عليه الصلاة والسلام ثلاث سنين وقد تقدم ذلك وفي الأصل عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل به إسرافيل فكان يتراءى له ثلاث سنين ويأتيه بالكلمة من الوحي ولم ينزل القرآن أي شيء منه على لسانه ثم وكل به جبريل فجاءه بالوحي والقرآن وهو موافق في ذلك لما في سيرة شيخه الحافظ الدمياطي حيث قال قال بعض العلماء وقرن به إسرافيل ثم قرن به جبريل وهو
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»