جبريل وأنه يتكلم عن الله تعالى كا خلق في جبريل علما ضروريا بأن الموحى إليه هو الله وقد ذكر بعض المفسرين أنه صلى الله عليه وسلم كان له عدو من شياطين الجن يقال له الأبيض كان يأتيه في صورة جبريل واعترض بأنه يلزم عليه عدم الوثوق بالوحي وأجيب عنه بمثل ما هنا وهو أن الله تعالى جعل في النبي صلى الله عليه وسلم علما ضروريا بميز به بين جبريل عليه السلام وبين هذا الشيطان ولعل هذا الشيطان غير قرينه الذي أسلم وفي كلام ابن العماد وشيطان الأنبياء يسمى الأبيض والأنبياء معصومون منه وهذا الشيطان هو الذي أغوى به برصيصا الراهب العابد بعد عبادته خمسمائة سنة وهو المعنى بقوله تعالى * (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك) * هذا كلامه والله أعلم وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان من الأنبياء من يسمع الصوت أي ولا يرى مصوتا فيكون بذلك نبيا قال بعضهم يحتمل أن يكون صوتا خلقه الله تعالى في الجو أي ليس من جنس الكلام وخلق لذلك النبي فهم المراد منه عند سماعه ويحتمل أن يكون من جنس الكلام المعهود يتضمن كون ذلك الشخص صار نبيا قال صلى الله عليه وسلم وإن جبريل يأتيني فيكلمني كما يأتي أحدكم صاحبه فيكلمه ويبصره من غير حجاب أي وفي رواية كنت أراه أحيانا كما يرى الرجل صاحبه من وراء الغربال ولا يخفى أن هاتين الحالتين كل منهما حالة من حالات الوحي وحينئذ إما أن يكون جبريل عليه السلام على صورة دحية الكلبي وهو بكسر الدال المهملة على المشهور وحكى فتحها أو على صورة غيره ومنه ما وقع في حديث عمر رضي الله تعالى عنه بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد الحديث ورواية البخاري تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يعرفه إلا في آخر الأمر وورد ما جاءني يعني جبريل في صورة لم أعرفها إلا في هذه المرة
(٤٠٨)