أنه كان يعتريه وهو بمكة قبل أن ينزل عليه القرآن ما كان يعتريه عند نزول الوحي عليه أي من الإغماء إلى آخره فبسبب إزالتها ما تغطي به رأسها عنها اختفى فلم يعد إلى أن أعادت غطاء رأسها عليه فاستبانت علمت علم اليقين أن ما يعرض له صلى الله عليه وسلم هو الوحي أي لا الجني لأن الملك لا يرى الرأس المكشوف من المرأة بخلاف الجنى وشبه الناظم ذلك بالشيء النفيس والأمر العظيم لأن كلا من الكنز والكيمياء لا يظفر به إلا القليل من الناس لعزتهما أقول وفي الخصائص الكبرى ما يدل لما قلناه من أن أول ما فعلته خديجة كان عند ترائيه له صلى الله عليه وسلم وقبل اجتماعه به وقول بعضهم إن ذلك من خديجة كان بإرشاد من ورقة فإنه قال لها اذهبي إلى المكان الذي رأى فيه ما رأى فإذا رآه فتحسري فإن لم يكن من عند الله لا يراه أي فتراءى له وهو في بيت خديجة ففعلت قالت فلما تحسرت تغيب جبريل فلم يره فرجعت فأخبرت ورقة فقال إنه ليأتيه الناموس الأكبر وفي فتح الباري أن في سيرة ابن إسحاق أن ورقة كان يمر ببلال رضي الله تعالى عنه وهو يعذب وذلك يقتضى أنه تأخر إلى زمن الدعوة وإلى أن دخل بعض الناس في الإسلام أي وفي كلام صاحب كتاب الخميس في الصحيحين أن الوحي تتابع في حياة ورقة وأنه آمن به وتقدم أنه الموافق لما في الإمتاع من أنه مات في السنة الرابعة من البعثة وتقدم أنه مخالف لما تقدم عن سبط ابن الجوزي ومخالف أيضا لقول الذهبي الأظهر أنه مات بعد النبوة وقبل الرسالة أي بناء على تأخرها ويدل لتأخرها ما تقدم من قول ورقة يا ليتني فيها جذع فقد تقدم أن المراد يا ليتني أكون في زمن الدعوة أي ومن أدرك النبوة ولم يدرك البعثة لا يكون مسلما بل هو كما تقدم من أهل الفترة لأن الإيمان النافع عند الله تعالى الذي يصير به الشخص مستحقا لدخول الجنة ناجيا من الخلود في النار التصديق بالقلب بما علم بالضرورة أنه من دين محمد صلى الله عليه وسلم أي بما أرسل به وإن لم يقر بالشهادتين مع التمكن من ذلك حيث لم يطلب منه ذلك ويمتنع وقيل لا بد مع ذلك من الإقرار بالشهادتين للتمكن من وحيث أدرك الرسالة فقد أسلم وحينئذ يكون صحابيا
(٤٠٦)