السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٠٤
قال بعضهم وهو الراجح عند جهابذة الأئمة أي بناء على أنه أدرك الدعوة إلى الله تعالى التي هي الرسالة ففي الإمتاع أن ورقة مات في السنة الرابعة من المبعث ويوافقه ما يأتي عن سيرة ابن إسحاق وعن كتاب الخميس وحينئذ يكون قوله صلى الله عليه وسلم لأنه آمن بي وصدقني واضحا لكن ينازع في ذلك قوله وأحسبه لو كان من أهل النار لم يكن عليه ثياب بيض وسيأتي عن الذهبي ما يخالفه ويخالفه أيضا ما تقدم عن سبط ابن الجوزي أنه من أهل الفترة وعن يحيى بن بكير قال سألت جابر بن عبد الله يعني عن ابتداء الوحي فقال لا أحدثك إلا ما حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاودة بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا فنظرت عن يساري فلم أر شيئا فنظرت من خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فرأيت شيئا بين السماء والأرض أي وفي رواية فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي زاد في رواية متربعا عليه وفي لفظ على عرش بين السماء والأرض فرعبت منه فأتيت خديجة فقلت دثروني دثروني أي وفي رواية زملوني زملوني وصبوا على ماء باردا فدثروني وصبوا علي ماء باردا فنزلت هذه الآية * (يا أيها المدثر) * أي الملتف بثيابه * (قم فأنذر وربك فكبر) * ولم يقل بعد فأنذر وبشر لأنه كما بعث بالنذارة بعث بالبشارة لأن البشارة إنما تكون لمن آمن ولم يكن أحد آمن قبل وهذا يدل على أن هذه الآية أول ما نزل أي قبل اقرأ وأن النبوة والرسالة مقترنان قال الإمام النووي والقول بأن أول ما نزل * (يا أيها المدثر) * ضعيف باطل وإنما نزلت بعد فترة الوحي أي ومما يدل على ذلك قوله فإذا الملك الذي جاءني بحراء ومما يدل على ذلك أيضا ما في البخاري أن في رواية جابر أنه صلى الله عليه وسلم حدث عن فترة الوحي أي لا عن ابتداء الوحي فما تقدم من قول بعضهم يعني عن ابتداء الوحي فيه نظر وكذا في قول الراوي عن جابر جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت لأن جواره بحراء كان قبل فترة الوحي إلا أن يقال جابر جاء عنه روايتان واحدة في ابتداء الوحي وأخرى في فترة الوحي وبعض الرواة خلط فإن صدر الرواية يدل على أن ذلك كان عند ابتداء الوحي وعجزها يدل على أن ذلك كان في فترة الوحي
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»