قيل وإنما تركت البسملة أول براءة لعدم المناسبة بين الرحمة التي تدل عليها البسملة والتبري الذي يدل عليه أول براءة ورده في الفتوحات بأنها جاءت في أوائل السور المبدوءة بويل قال وأين الرحمة من الويل وذكر بعضهم أن الأنفال وبراءة سورة واحدة أي فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال سألت عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه لم لم يكتبوا بين براءة والأنفال سطر بسم الله الرحم الرحيم فقال كانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر ما نزل بالمدينة وكانت قصتها شبيهة بالأخرى فظننت أنهما سورة واحدة وفي كلام بعض المفسرين عن طاوس وعمر بن عبد العزيز أنهما كانا يقولان إن الضحى وألم نشرح سورة واحدة فكانا يقرآنهما في ركعة واحدة ولا يفصلان بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم وذلك لأنهما رأيا أن أولها مشبه لقوله * (ألم يجدك يتيما) * وليس كذلك لأن تلك حال إغتامه صلى الله عليه وسلم بإيذاء الكفار فهي حال محنة وضيق وهذه حال انشراح الصدر وتطييب القلب فكيف يجتمعان هذا كلامه وذكر أئمتنا أنه يكفي في وجوب الإتيان بالبسملة في الفاتحة في الصلاة الظن المفيد له خبر الآحاد ولعدم التواتر بذلك لا يكفر من نفى كونها آية من الفاتحة بإجماع المسلمين وقد جهر بها صلى الله عليه وسلم كما رواه جمع من الصحابة قال ابن عبد البر بلغت عدتهم أحدا وعشرين صحابيا وأما ما رواه مسلم عن أنس قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم أجيب عنه بأنه لم ينف إلا السماع ويجوز أنهم تركوا الجهر بها في بعض الأوقات بيانا للجواز ويؤيده قول بعضهم كانوا يخفون البسملة وأما ما رواه البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين فمعناه بسورة الحمد لا بغيرها من القرآن لا يبعد هذا الحمل ما في رواية عبد الله بن مغفل أنه قال سمعني أبي وأنا أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فقال أي بني إياك والحدث فإني صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر فلم أسمع أحدا منهم يقوله فإذا قرأت فقل الحمد لله رب العالمين فإنه لما لم يسمع فهم أنهم لم يأتوا بها رأسا فقال ذلك وكذا يقال فيما روى
(٤٠١)