السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٩٠
وفيه أنه من التكليف بما لا يطاق أي في الحال أي ومن ثم ادعى بعضهم أنه لمجرد التنبيه واليقظة لما يلقى إليه وفيه أنه لو كان كذلك لم يحسن أن يقال في جوابه ما أنا بقارئ الذي معناه لا أوجد القراءة إلا أن يقال جبريل عليه الصلاة والسلام أراد التنبيه لا الأمر وجوابه صلى الله عليه وسلم بناء على مقتضى ظاهر اللفظ وعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ في المواضع الثلاثة معناه مختلف ففي الأول معناه الإخبار بعدم إيجاد القراءة والثاني معناه الإخبار بأنه لا يحسن شيئا يقرؤه وإن كان ذلك هو مستند الأول والثالث معناه الاستفهام عن أي شيء أن يقرؤه وفيه ما علمت وبعضهم جعل قوله الأول لا أقرأ لا أحسن القراءة بدليل أنه جاء في بعض الروايات ما أحسن أن أقرأ وحينئذ يكون بمعنى الثاني فيكون تأكيدا له أي الغرض منهما شيء واحد قال بعضهم وجه المناسة بين الخلق من العلق والتعليم وتعليم العلم أن أدنى مراتب الإنسان كونه علقة وأعلاها كونه عالما فالله سبحانه وتعالى امتن على الإنسان بنقله من أدنى المراتب وهي العلقة إلى أعلاها وهي تعلم العلم وقد اشتملت هذه الآيات على براعة الإستهلال وهو أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه ويشير إلى ما سبق الكلام لأجله فإنها اشتملت على الأمر بالقراءة والبداءة فيها ببسم الله إلى غير ذلك مما ذكره في الإتقان قال فيه من ثم قيل إنها جديرة أن تسمى عنوان القرآن لأن عنوان الكتاب ما يجمع مقاصده بعبارة موجزة في أوله وكرر جبريل الغط ثلاثا للمبالغة وأخذ منه بعض التابعين وهو القاضي شريح أن المعلم لا يضرب الصبي على تعليم القرآن أكثر من ثلاث ضربات وأورد الحافظ السيوطي عن الكامل لابن عدي بسند ضعيف عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضرب المؤدب الصبي فوق ثلاث ضربات وذكر السهيلي أن في ذلك أي الغط ثلاثا إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم يحصل له شدائد ثلاث ثم يحصل له الفرج بعد ذلك فكانت الأولى إدخال قريش له صلى الله عليه
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»