في شيء من كتب الحديث وإنما أخرجه ابن الضريس بهذا اللفظ عن ابن سيرين وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة تسميتها بذلك هذا كلامه ولا يخفى أنه جاء في تسمية الفاتحة ذكر المضاف تارة وهو سورة كذا وإسقاطه أخرى وتارة جوزوا الأمرين معا وهو يشكل على أن تسمية السور توقيفي ثم رأيت في الإتقان قال قال الزركشي في البرهان ينبغي البحث عن تعداد الأسامي هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات فإن كان الثاني فيمكن الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضى اشتقاق أسمائها وهو بعيد عن هذا كلامه ويلزم القول بأنها إنما نزلت في المدينة أن مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة كان يصلي بغير الفاتحة قال في أسباب النزول وهذا مما لا تقبله العقول أي لأنه لم يحفظ أنه كان في الإسلام صلاة بغير الفاتحة أي ويدل لذلك ما رواه الشيخان لا صلاة لمن يقرأ بفاتحة الكتاب وفي رواية لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها الرجل بفاتحة الكتاب والمراد في كل ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته إذا استقبلت القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت إلى أن قال ثم اصنع ذلك أي القراءة بأم القرآن في كل ركعة وجاء على شرط الشيخين أم القرآن عوض عن غيرها وليس غيرها منها عوضا ويدل لذلك أيضا وصف القول بأنها إنما نزلت بالمدينة بأنه هفوة من قائله لأنه تفرد بهذا القول والعلماء على خلافه أي لأن نزولها كان بعد فترة الوحي بعد نزول * (يا أيها المدثر) * ويلزم على كونها نزلت بعد المدثر أنه صلى الله عليه وسلم صلى بغير الفاتحة في مدة فترة الوحي أي لأن المدثر نزلت بعد فترة الوحي على ما سيأتي وقد يقال لا ينافيه ما تقدم من أنه لم يحفظ أنه لم يكن في الإسلام صلاة بغير الفاتحة لجواز أن يراد صلاة من الصلوات الخمس وما تقدم مما يدل على تعين الفاتحة في الصلاة يجوز أن يكون صدر منه صلى الله عليه وسلم بعد فرض الصلوات الخمس وفي الإمتاع إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة يدل على أنه نزلت بالمدينة فقد أخرج مسلم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نغيضا أو صوتا من فوقه فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم
(٣٩٨)