السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٦٦
لأنه لا يدل على اقتصار رسالته عليهم بل على كونه متكلما بلغتهم ليفهموا عنه أولا ثم يبلغ الشاهد الغائب ويحصل الإفهام لغير أهل تلك اللغة من الأعاجم بالتراجم الذين أرسل إليهم فهو صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الكافة وإن كان هو وكتابه عربيين كما كان موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام مبعوثين لبني إسرائيل بكتابيهما العبراني أي وهو التوراة والسرياني وهو الإنجيل مع أن من جملتهم جماعة لا يفهمون بالعبرانية ولا بالسريانية كالأروام فإن لغتهم اليونانية والله أعلم وأشار إلى الثانية من الخمس بقوله ونصرت بالرعب على العدو ولو كان بيني وبينه مسيرة شهر أي أمامه وخلفه بملأ مني رعبا أي يقذف الرعب في قلوب أعدائه صلى الله عليه وسلم وجعل الغاية شهرا لأنه لم يكن بين بلده وبين أحد من أعدائه أي المحاربين له أكثر من شهر أي وجاء أن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ذهب هو وجنده من الإنس والجن وغيرهما إلى الحرم وكان يذبح كل يوم خمسة آلاف ناقة وخمسة آلاف ثور وعشرين ألف شاة لأن مساحة جنده كانت مائة فرسخ قال لمن حضر من أشراف جنده هذا مكان يخرج منه نبي عربي يعطى النصر على جميع من ناوأه وتبلغ هيبته مسيرة شهر القريب والبعيد عنده في الحق سواء لا تأخذه في الله لومة لائم ثم قالوا فبأي دين يا نبي الله يدين قال بدين الحنيفية فطوبى لمن آمن به قالوا كم بين خروجه وزماننا قال مقدار ألف عام وأشار إلى الثالثة بقوله وأحلت لي الغنائم كلها وكان من قبلي أي من أمر الجهاد منهم يعطونها ويحرمونها أي لأنهم كانوا يجمعونها أي والمراد ما عدا الحيوانات من الأمتعة والأطعمة والأموال فإن الحيوانات تكون ملكا للغانمين دون الأنبياء ولا يجوز للإنبياء أخذ شيء من ذلك بسبب الغنيمة كذا في الوفاء وجاء في بعض الروايات وأطعمت أمتك الفىء ولم أحله لأمة قبلها أي والمراد بالفيء ما يعم الغنيمة كما أنه قد يراد بالغنيمة ما يعم الفيء هذا وفي بعض الروايات وكانت الأنبياء يعزلون الخمس فتجىء النار أي نار بيضاء مع السماء فتأكله أي حيث لا غلول وأمرت أن أقسمه في فقراء أمتي وفي تكملة تفسير الجلال السيوطي لتفسير الجلال المحلي أن ذلك لم يعهد في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام ولعله لم يكن ممن أمر بالجهاد فلا يخالف ما سبق
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»