السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٦٢
وأما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أوحى إلى جعلت لا أمر بحجر ولا شجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله وما ذكره بعضهم أن الجن قالوا له صلى الله عليه وسلم بمكة من يشهد أنك رسول الله قال تلك الشجرة ثم قال لها من أنا فقالت رسول الله فليس من المترجم له وفي الخصائص الصغرى وخص بتسليم الحجر وبكلام الشجر وبشهادتهما له بالنبوة وإجابتهما دعوته وفي كلام السهيلي يحتمل أن يكون نطق الحجر والشجر كلاما مقرونا بحياة وعلم ويحتمل أن يكون صوتا مجردا غير مقترن بحياة وعلم وعلى كل هو علم من أعلام النبوة وفي كلام الشيخ محيي الدين ابن العربي أكثر العقلاء بل كلهم يقولون عن الجمادات لا تعقل فوقفوا عند بصرهم والأمر عندنا ليس كذلك فإذا جاءهم عن نبي أو ولي أن حجرا كلمه مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة في ذلك الوقت والأمر عندنا ليس كذلك بل سر الحياة سار في جميع العالم وقد ورد أن كل شيء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له ولا يشهد إلا من علم وأطال في ذلك وقال قد أخذ الله بأبصار الإنس والجن عن إدراك حياة الجماد إلا من شاء الله كنحن وأضرابنا فإنا لا نحتاج إلى دليل في ذلك لكون الحق تعالى قد كشف لنا عن حياتها عينا وأسمعنا تسبيحها ونطقها وكذلك إندكاك الجبل لما وقع التجلي إنما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة الله عز وجل ولولا ما عنده من العظمة لما تدكدك والله أعلم باب بيان حين المبعث وعموم بعثته صلى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله رحمه للعالمين وكافة للناس أجمعين وكان الله قد أخذ له الميثاق على كل نبي بعثه قبله بالإيمان به والتصديق له والنصر على من خالفه وأن يؤدوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدقهم أي فهم وأممهم من جملة أمته صلى الله عليه وسلم كما سيأتي عن السبكي
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»