السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٩٥
هؤلاء رعيتك اليوم وهم غدا خصماؤك عند الله فبكى سليمان بكاء شديدا ثم قال بالله أستعين وقال يوما لعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه حين أعجبه ما صار إليه من الملك يا عمر كيف ترى ما نحن فيه فقال يا أمير المؤمنين هذا سرور لولا أنه غرور ونعيم لولا أنه عديم وملل لولا أنه هلك وفرح لو لم يعقبة ترح ولذات لو لم تقترن بآفات وكرامة لو صحبتها سلامة فبكى سليمان رحمه الله حتى اخضلت دموعه لحيته وولاية عمر بن عبد العزيز بشر بها جده لأمه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فعنه رضي الله تعالى عنه أنه قال إن من ولدي رجلا بوجهه شين و رواية علامة يملأ الأرض عدلا فكان ولده عبد الله يقول كثيرا ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر بن الخطاب في وجهه علامة يملأ الأرض عدلا وفي رواية عنه كان يقول يا عجبا يزعم الناس أن الدنيا لا تنقضى حتى يلي رجل من آل عمر يعمل بمثل عمل عمر قال بعضهم فإذا هو عمر بن عبد العزيز لأن أمه ابنة عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ومما يؤثر عن سليمان رحمه الله تعالى أنه لما ولى الخلافة وقام خطيبا قال الحمد لله الذي ما شاء صنع وما شاء رفع ومن شاء وضع ومن شاء أعطى ومن شاء منع إن الدنيا دار غرور تضحك باكيا وتبكي ضاحكا وتخيف آمنا وتؤمن خائفا وقال في خطبة من خطبه أيضا أيها الناس أين الوليد وأبو الوليد وجد الوليد أسمعهم الداعي وأسترد العواري واضمحل ما كان كائن لم يكن أذهب عنهم ثابت الحياة وفارقوا القصور واستبدلوا بلين الوطئ خشن التراب فهم رهناء فيه إلى يوم المآب فرحم الله عبدا مهد لنفسه يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ولما ولى الخلافة أبو جعفر المنصور أراد أن يبني الكعبة على ما بناها ابن الزبير وشاور الناس في ذلك فقال له الإمام مالك بن أنس أنشدك الله أي بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة أي أسألك بالله يا أمير المؤمنين أن لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس فصرفه عن رأيه فيه قال وذكر الطبري في مناسكه أن الذي أراد ذلك ونهاه مالك هو الرشيد
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»