السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٩٦
أقول وكونه الرشيد هو الذي ذكره المقريزي واقتصر عليه ولأن المنصور مات محرما ببئر ميمونة لستة أيام خلون من ذي الحجة فلم يدخل مكة وقد يقال يجوز أن يكون دخل المدينة قبل سيره إلى مكة واستشار الناس في المدينة فقال له الإمام مالك ما تقدم وأن الرشيد أيضا أراد ذلك واستشار الإمام مالكا فأشار عليه بما ذكر ثم رأيت في تاريخ ابن كثير في زمن المهدى بن المنصور استشار الإمام مالكا في ردها أي الكعبة على الصفة التي بناها ابن الزبير فقال له إني أخشى أن تتخذها الملوك لعبة ورأيت في كلام بعضهم أن المنصور حج وأنه لما قضى الحج والزيارة توجه إلى زيارة بيت المقدس ولعل هذا كان في حجة غير هذه التي مات فيها ثم رأيت في تاريخ ابن كثير أن المنصور حج وهو خليفة أربع حجات غير الحجة التي مات فيها وكذا في القرى لقاصد أم القرى للطبري وذكر أنه مات في الحجة الخامسة قبل يوم التروية بيومين وأنه أحرم في بعض حججه من بغداد وقد ذكر الشيخ الصفوي أن المنصور بلغه أن سفيان الثوري ينقم عليه في عدم إقامة الحق فلما توجه المنصور إلى الحج وبلغه أن سفيان بمكة أرسل جماعة أمامه وقال لهم حيثما وجدتم سفيان خذوه واصلبوه فنصبوا الخشب ليصلبوا سفيان عليه وكان سفيان بالمسجد الحرام رأسه في حجر الفضيل بن عياض ورجلاه في حجر سفيان ابن عيينة فقيل له خوفا عليه بالله لا تشمت بنا الأعداء قم فاختف فقام ومشى حتى وقف بالملتزم وقال ورب هذه الكعبة لا يدخلها يعنى مكة المنصور وكان وصل إلى الحجون فزلقت به راحلته فوقع عن ظهرها ومات من فوره فخرج سفيان وصلى عليه هذا كلامه وقد يقال لا مخالفة بين هذا وبين ما تقدم أنه مات ببئر ميمونة لأنه يجوز أن يكون المراد بوصوله إلى الحجون وصول خيله وركبه فليتأمل ثم رأيت في تاريخ ابن كثير أن المنصور لما خرج للحج وجاوز الكوفة بمراحل أخذه وضعه الذي مات فيه وأفرط به الإسهال ودخل مكة فنزل بها وتوفى ولعل هذا
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»