السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٠٠
سمعت بي قد خرجت مخرجا فاتبعني فكنت في أهلي حتى خرج صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فسرت إليه فقدمت المدينة فقلت يا نبي الله أتعرفني قال نعم أنت السلمى الذي أتيتني بمكة ومن ذلك ما حدث به عاصم بن عمرو بن قتادة عن رجال من قومه قالوا إنما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله تعالى لنا وهداه ما كنا نسمع من أحبار يهود كنا أهل شرك أصحاب أوثان وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا قد تقارب زمان نبي يبعث الآن يقتلكم قتل عاد وإرم أي يستأصلكم بالقتل فكان كثيرا ما نسمع ذلك منهم فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله عز وجل وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا ففي ذلك نزلت هذه الآيات في البقرة * (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) * ومن ذلك ما حدث به شيخ من بني قريظة قال إن رجلا من يهود من أهل الشام يقال له ابن الهيبان أي الجبان قدم إلينا قبل الإسلام بسنين فحل بين أظهرنا والله ما رأينا رجلا قط لا يصلى الخمس أفضل منه أي لا أظن أحدا من غير المسلمين لأن المسلمين يصلون الخمس فلا أصلية لا زائدة فأقام عندنا فكنا إذا قحط المطر أي احتبس قلنا له اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا فيقول لا والله حتى تقدموا بين يدي نجواكم صدقة فنقول له كم فيقول صاعا من تمر ومدين من شعير فنخرجها ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرتنا فيستسقي لنا فوالله ما يبرح من محله حتى يمر السحاب ونسقى قد فعل ذلك غير مرة أي لا مرة ولا مرتين ولا ثلاثا بل أكثر من ذلك ثم حضرته الوفاة عندنا فلما عرف أنه ميت قال يا معشر يهود ما ترينه أخرجني من أهل الخمر بالتحريك وبإسكان الميم الشجر الملتف والخمير إلى أرض البؤس والجوع قلنا أنت أعلم قال فإنما قدمت هذه الأرض أتوكف أي أتوقع خروج نبي قد أظل زمانه أي أقبل وقرب كأنه لقربه أظلهم أي ألقى عليهم ظله وهذه البلد مهاجره وكنت أرجو أن يبعث فاتبعه فقد أظلكم زمانه فلا تسبقن إليه يا معشر يهود فإنه يبعث بسفك الدماء وبسبى الذراري والنساء ممن خالفه فلا يمنعكم ذلك منه فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»