السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٧٧
أقول تقدم في بناء قريش أنهم أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة آخذ بعضها ببعض وأن رجلا أدخل عتلته بين حجرين منها فحصل نحو ما ذكر وقد يقال لا مخالفة بين كون تلك الأحجار كانت خضراء وبين كونها حمراء لأنه يجوز أن تكون حمرة تلك الأحجار ليست صافية بل هي قريبة من السواد ومن ثم وصفت بأنها زرق كما تقدم والأسود يقال له أخضر كما أن الأخضر غير الصافي يقال له أسود والصافي يقال له أزرق والله أعلم وجعل عبد الله على تلك القواعد ستورا فطاف الناس بتلك الستور حتى بنى عليها وارتفع البناء وزاد في أتفاعها على ما كانت عليه في بناء قريش تسعة أذرع فكانت سبعا وعشرين ذراعا زاد بعضهم وربع ذراع وبناها على مقتضى ما حدثته به خالته عائشة رضي الله تعالى عنها فأدخل فيه الحجر أي لأنه يجوز أن يكون إدخال الحجر هو الذي سمعه من عائشة فعمل به دون غير ذلك من الروايات المتقدمة الدال على أن الحجر ليس من البيت وإنما منه ستة أذرع وشبر أو قريب من سبعة أذرع وفيه أن هذا أي قوله فأدخل فيه الحجر هو الموافق لما تقدم من أن قريش أخرجت منها الحجر وهو واضح إن كان وجد الأساس خارجا عن جميع الحجر وأما إذا لم يكن خارجا عن جميع الحجر كيف يتعداه ولا يبنى عليه اعتمادا على ما حدثته به خالته عائشة رضي الله تعالى عنها على أنه سيأتي عن نص حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال لها فإن بدا لقومك من بعد أن يبنوا فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريبا من ستة أذرع فليتأمل وجعل لها خلفا أي بابا من خلفها وألصقه بالأس كالمقابل له قال ولما ارتفع البناء إلى مكان الحجر الأسود وكان في وقت الهدم وجد مصدعا بسبب الحريق كما تقدم فشده بالفضة ثم جعله في ديباجة وأدخله في تابوت وأقفل عليه وأدخله دار الندوة فحين وصل البناء إلى محله أمر ابنه حمزة وشخصا آخر أن يحملاه ويضعاه محله وقال إذا وضعتماه وفرغتما فكبرا حتى أسمعكما فأخفف صلاتي فإنه صلى بالناس بالمسجد إغتناما لشغلهم عن وضعه لما أحس منهم بالتناقض في ذلك أي أن كل واحد يريد أن يضعه وخاف الخلاف فلما كبر تسامع الناس بذلك فغضب جماعة من قريش حيث لم يحضرهم
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»