السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٦٢
ثم بات بهما حتى طلع الفجر ثم صلى بهما صلاة الغداة ثم وقف بهما على قزح حتى إذا أسفر أفاض بهما إلى منى فأراهما كيف رمى الجمار ثم أمرهما بالذبح وأراهما المنحر من منى وأمرهما بالحلق ثم أفاض بهما إلى البيت فليتأمل ذلك فإن فيه التصريح بأن إبراهيم وإسماعيل صليا مع جبريل جماعة الصلوات الخمس وجمعا تقديما بين الظهر والعصر وتأخيرا بين المغرب والعشاء للنسك وهو مخالف لقول أئمتنا لم تجمع الصلوات الخمس إلا لنبينا صلى الله عليه وسلم ففي الخصائص الصغرى وخص بمجموع الصلوات الخمس ولم تجتمع لأحد وبالعشاء ولم يصلها أحد وبالجماعة في الصلاة إلا أن يدعى أن المراد الجمع على جهة المداومة على ذلك لجواز أن يكون إبراهيم وإسماعيل عليها الصلاة والسلام لم يداوما على ذلك وفيه ما لا يخفى وفي الوفاء عن وهب قال أوحى الله تعالى إلى آدم عليه الصلاة والسلام أنا الله ذو بكة أهلها جيرتي وزوارها وفدى وفي كتفي أعمره بأهل السماء وأهل الأرض يأتونه أفواجا شعثا غبرا يعجون بالتكبير عجا ويرجون بالتلبية ترجيجا ويثجون بالبكاء ثجا فمن اعتمره لا يريد غيره فقد زارني وضافني ووفد إلي ونزل بي وحق لي أن أتحفه بكرامتي أجعل ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وثناءه لنبي من ولدك يقال له إبراهيم أرفع له قواعده وأقضى على يديه عمارته وأنيط له سقايته وأريه حله وحرمه وأعلمه مشاعره ثم يعمره الأمم والقرون حتى ينتهي إلى نبي من ولدك يقال له محمد خاتم النبيين وأجعله من سكانه وولاته وحجابه وسقاته فمن سأل عني يومئذ فأنا من الشعث الغبر الموفين بنذورهم المقبلين على ربهم ولما دعا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى * (وارزقهم من الثمرات) * أي دعا بذلك وهو على ثنية كداء بالمد فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال * (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات) * كان على الثنية العليا ذكره السهيلي وعند ذلك نقل له الطائف من فلسطين من أرض الشام أي و ببركة دعائه عليه الصلاة والسلام يوجد بمكة الفواكه المختلفة الأزمان من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد ذكره في الكشاف ثم لما فرغ أي من بناء البيت وحج طاف بالبيت لقيته الملائكة في الطواف فسلموا
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»