السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢١
ذلك شيئا كثيرا فلما جاء أوائل الحج نحر على كل طريق من طرق مكة جزورا ونحر بمكة وجعل الثريد واللحم وسقى الماء المحلى بالزبيب وسقى اللبن وهو أول من أوقد النار بمزدلفة ليراها الناس من عرفة ليلة النفر ومما يؤثر عن قصي من أكرم لئيما أشركه في لؤمه ومن استحسن قبيحا نزل إلى قبحه ومن لم تصلحه الكرامة أصلحه الهوان ومن طلب فوق قدره استحق الحرمان والحسود العدو الخفي ولما احتضر قال لأولاده اجتنبوا الخمرة فإنها تصلح الأبدان وتفسد الأذهان وحاز قصي شرف مكة كله فكان بيده السقاية والرفادة والحجابة والندوة واللواء والقيادة وكان عبد الدار أكثر أولاد قصي وعبد مناف أشرفهم أي لأنه شرف في زمان أبيه قصي وذهب شرفه كل مذهب وكان يليه في الشرف أخوه المطلب كان يقال لهما البدران وكانت قريش تسمى عبد مناف الفياض لكثرة جوده فأعطى قصي ولده عبد الدار جميع تلك الوظائف التي هي السقاية والرفادة والحجابة والندوة واللواء والقيادة أي فإنه قال له أما والله يا بني لألحقنك بالقوم يعنى أخويه عبد مناف والمطلب وإن كانوا قد شرفوا عليك لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تكون أنت تفحتها له أي بسبب الحجابة للبيت ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك أي وهذا هو المراد باللواء ولا يشرب رجل بمكة إلا من سقايتك وهذا هو المراد بالسقاية ولا يأكل أحد من أهل الموسم إلا من طعامك أي وهذا هو المراد بالرفادة ولا تقطع قريش أمرا من أمورها إلا في دارك يعنى دار الندوة أي ولا يكون أحد قائد القوم إلا أنت وذلك بسبب القيادة فلما مات عبد الدار وأخوه عبد مناف أراد بنوا عبد مناف وهم هاشم وعبد شمس والمطلب وهؤلاء إخوة لأب وأم أمهم عاتكة بنت مرة ونوفل أخوهم لأبيهم أمه واقدة بنت حرمل أن يأخذوا تلك الوظائف من بني عمهم عبد الدار وأجمعوا على المحاربة أي وأخرج بنوا عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فوضعوها لأحلافهم في المسجد عند باب الكعبة ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا هم وحلفاؤهم ثم مسجوا الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم فسموا المطيبين أي أخرجتها لهم أم حكيم البيضاء بنت
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»