السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٤٦
وضم الباء الموحدة أي ما يكفيه بحيث يرفع رأسه وينقطع عن الرضاعة قالت حليمة ولكنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك فلقد أدمت بالدال المهملة وتشديد الميم بالركب أي حبسته بتأخرها عنه لشدة عنائها وتعبها لضعفها وهزالها حتى شق ذلك عليهم حتى قدمنا مكة نلتمس أي نطلب الرضعاء جمع رضيع وأدم مأخوذ من الماء الدائم يقال أدم بالركب إذا أبطأ حتى حبسهم ويروى بالمعجمة أي جاء بما يذم عليه وهو هنا لإبطاء أقول لأنه كان من شيم العرب وأخلاقهم إذا ولد لهم ولد يلتمسون له مرضعة في غير قبيلتهم ليكون أنجب لولد وأفصح له وقيل لأنهم كانوا يرون أنه عار على المرأة أن ترضع ولدها انتهى أي تستقل برضاعه ويدل للأول ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول لأصحابه أنا أعربكم أي أفصحكم عربية أنا قرشي وأسترضعت في بني سعد وجاء أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لما قال له صلى الله عليه وسلم ما رأيت أفصح منك يا رسول الله فقال له ما يمنعني وأنا من قريش وأرضعت من بني سعد فهذا كان يحمله على دفع الرضعاء إلى المراضع الأعرابيات ومن ثم نقل عن عبد الملك بن مروان أنه كان يقول أضر بناحب الوليد يعنى ولده لأنه لمحبته له أبقاه مع أمه في المصر ولم يسترضعه في البادية مع الأعراب فصار لحانا لا عربية له وأخوه سليمان استرضع في البادية مع الأعراب فصار عربيا غير لحان قالت حليمة فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه إذا قيل لها يتيم وذلك أنا إنما نرجو المعروف من أبى الصبي فكنا نقول يتيم ما عسى أن تصنع أمه وجده فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة معي إلا أخذت رضيعا غيري فلما أجمعنا الانطلاق أي عزمنا عليه قلت لصاحبي والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا والله لأذهبن إلى ذلك الرضيع فلآخذنه قال لا عليك أي لا بأس عليكم أن تفعلي عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة فذهبت إليه فأخذته أقول وهذا السياق قد يخالف قول بعضهم إن عبد المطلب خرج يلتمس له المراضع فجاءت له حليمة ابنة أبي ذؤيب إلا أن يقال جاز أن يكون التماسه للمراضع
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»