السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٥٠
أصبحت شولا عجافا وأمست * ما بها شائل ولا عجفاء * أخصب العيش عندها بعد محل * إذ غدا للنبي منها غذاء * يا لها منة لقد ضوعف الأجر * عليها من جنسها والجزاء * وإذا سخر الإله أناسا * لسعيد فإنهم سعداء * أي وظهرت في رضاعه وفي زمن رضاعه صلى الله عليه وسلم أمور خارقة للعادة لوضوحها لا تخفى على العيون فمن ذلك أن المراضع أبين أن يأخذنه صلى الله عليه وسلم لأجل يتمه فبعد أن تركته أتته فتاة من آل سعد قد أبتها أهل الرضعاء لفقرها فسقته لبنها فسقتها وبنيها الشاء ألبانها وكانت تلك الشياه لا لبن بها بل هزيلات فصارت ذات ألبان وسمن ومن ذلك أن العيش كثر عندها بعد شدة المحل لأجل حصول غذاء النبي صلى الله عليه وسلم يا لها أي لتلك الخصلة الصادرة من حليمة وهي سقيها له لبنها نعمة منها عليه لقد كرر الثواب والجزاء على تلك النعمة من جنس تلك النعمة لأن الجزاء من جنس العمل فلما سقت اللبن سقيته ولا بدع فإن الله تعالى إذا سخر أناسا لمحبة سعيد والقيام بخدمته فإنهم بسبب ذلك سعداء أقول لم أقف على رواية فيها أن حليمة أبتها أهل الرضعاء لفقرها وكأن الناظم أخذ ذلك من قولها فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا غيري وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره ولا دلالة في ذلك واستفتى الحافظ ابن حجر عن بعض الوعاظ يذكر عند اجتماع الناس للمولد حادثات أي وقائع تتعلق به صلى الله عليه وسلم جاءت بها الأخبار هي نخلة بالتعظيم حتى يظهر من السامعين لها حزن فيبقى صلى الله عليه وسلم في حيز من يرحم لا في حيز من يعظم من ذلك أنهم يقولون إن المراضع حضرن ولم يأخذنه لعدم ماله ونحو ذلك فما قولكم في ذلك فأجاب بما نصه ينبغي لمن يكون فطنا أن يحذف من الخبر أي الحديث ما يوهم في المخبر عنه نقصا ولا يضره ذلك بل يجب كما وقع لإمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه حيث قال في بعض نصوصه وقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة لها شرف فكلم فيه فقال لو سرفت فلانة لامرأة شريفة لقطعتها يعنى فاطمة بنت النبي صلى
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»