السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٥٧
أي نظر إلى خاتم النبوة وإلى الحمرة في عينيه صاح يا معشر العرب اقتلوا هذا الصبي فليقتلن أهل دينكم وليكسرن أصنامكم وليظهرن أمره عليكم إن هذا لينظر أمرا من السماء وجعل يغرى بالنبي صلى الله عليه وسلم فلم يلبث أن وله فذهب عقله حتى مات أي وفي السيرة الهشامية أن نفرا نصارى من الحبشة رأوه صلى الله عليه وسلم مع أمه السعدية حين رجعت به إلى أمه بعد فطامه فنظروا إليه وقلبوه أي رأوا خاتم النبوة بين كتفيه وحمرة في عينيه وقالوا لها هل يشتكي عينيه قالت لا ولكن هذه الحمرة لا تفارقه ثم قالوا لها لتأخذن هذا الغلام فلنذهبن به إلى ملكنا وبلدنا فإن هذا الغلام كائن لنا وله شأن نحن نعرف أمره فلم تكد تنفلت به صلى الله عليه وسلم منهم وأتت به إلى أمه وعنه صلى الله عليه وسلم واسترضعت في بني سعد فبينما أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بيد أحدهما طست من ذهب مملوء ثلجا فأخذاني فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها أي وقيل هذا حظ الشيطان منك يا حبيب الله وفي رواية فاستخرجا منه علقتين سوداوين أي ولا مخالفة لجواز أن تكون تلك العلقة انفلقت نصفين وفي رواية فاستخرجا منه مغمز الشيطان أي وهو المعبر عنه في الرواية قبلها بحظ الشيطان ولا ينافي ذلك قوله في الرواية السابقة ولا أدري ما هو لجواز أن يكون إخباره صلى الله عليه وسلم بهذا بعد أن علمه والمراد بمغمز الشيطان محل غمزه اي محل ما يلقيه من الأمور التي لا تنبغي لأن تلك العلقة خلقها الله تعالى في قلوب البشر قابلة لما يلقيه الشيطان فيها فأزيلت من قلبه فلم يبق فيه مكان لأن يلقي الشيطان فيه شيئا فلم يكن للشيطان فيه حظ وليست هي محل غمزه عتد ولادته صلى الله عليه وسلم كما يوهمه كلام غير واحد وفيه أن هذا يقتضي أن يكون قبل إزالة ذلك كان للشيطان عليه سبيل أجاب السبكي بأنه لا يلزم من وجود القابل لما يلقيه الشيطان حصول الإلقاء أي بالفعل فليتأمل وسئل السبكي رحمه الله تعالى فلم خلق الله ذلك القابل في الذات الشريفة وكان من الممكن أن لا يخلقه الله فيها وأجاب بأنه من جملة الأجزاء الإنسانية فخلقت تكملة
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»