وقال آخرون: إنما حجه لأنه لامه على ذنب قد تاب منه، والتائب من الذنب كمن لاذنب له.
وقيل إنما حجه لأنه أكبر منه وأقدم. وقيل لأنه أبوه. وقيل لأنهما في شريعتين متغايرتين. وقيل لأنهما في دار البرزخ وقد انقطع التكليف فيما يزعمون.
والتحقيق: أن هذا الحديث روى بألفاظ كثيرة بعضها مروى بالمعنى، وفيه نظر.
ومدار معظمها في الصحيحين وغيرهما على أنه لامه على إخراجه نفسه وذريته من الجنة، فقال له آدم: أنا لم أخرجكم، وإنما أخرجكم الذي رتب الاخراج على أكلي من الشجرة، والذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق، هو الله عز وجل، فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلى أكثر من أنى نهيت عن الاكل من الشجرة فأكلت منها، وكون الاخراج مترتبا على ذلك ليس من فعلى، فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة، وإنما كان هذا من قدر الله وصنعه، وله الحكمة في ذلك. فلهذا حج آدم موسى.
ومن كذب بهذا الحديث فمعاند; لأنه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه، وناهيك به عدالة وحفظا وإتقانا.
ثم هو مروى عن غيره من الصحابة كما ذكرنا.
ومن تأوله بتلك التأويلات المذكورة آنفا، فهو بعيد من اللفظ والمعنى، وما فيهم من هو أقوى مسلكا من الجبرية.
وفيما قالوه نظر من وجوه:
أحدها: أن موسى عليه السلام لا يلوم على أمر قد تاب عنه فاعله.