إلا أن قالوا: " أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون " فجعلوا غاية المدح ذما يقتضى الاخراج! وما حملهم على مقالتهم هذه إلا العناد واللجاج.
فطهره الله وأهله إلا امرأته، وأخرجهم منها أحسن إخراج، وتركهم في محلتهم خالدين، لكن بعد ما صيرها عليهم بحرة منتنة ذات أمواج، لكنها عليهم في الحقيقة نار تأجج، وحر يتوهج، وماؤها ملح أجاج.
وما كان هذا جوابهم إلا لما نهاهم عن " [ارتكاب (1)] الطامة العظمى، والفاحشة الكبرى، التي لم يسبقهم إليها أحد من [العالمين (2)] أهل الدنيا.
ولهذا صاروا مثلة فيها وعبرة لمن عليها.
وكانوا مع ذلك يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويأتون في ناديهم، وهو مجتمعهم ومحل حديثهم وسمرهم، المنكر من الأقوال والافعال على اختلاف أصنافه. حتى قيل إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم، ولا يستحون من مجالسيهم، وربما وقع (3) منهم الفعلة العظيمة في المحافل ولا يستنكفون، ولا يرعوون لوعظ واعظ ولا نصيحة من عاقل. وكانوا في ذلك وغيره كالانعام بل أضل سبيلا، ولم يقلعوا عما كانوا عليه في الحاضر، ولا ندموا على ما سلف من الماضي، ولا راموا في المستقبل تحويلا، فأخذهم الله أخذا وبيلا.
وقالوا له فيما قالوا: " ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين " فطلبوا منه وقوع ما حذرهم عنه من العذاب الأليم، وحلول البأس العظيم.