تعالى: " أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم (1)؟ " وقال تعالى: " أو لم نمكن لهم حرما آمنا يحبى إليه ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ".
وسأل الله أن يبعث فيهم رسولا منهم، أي من جنسهم، وعلى لغتهم الفصيحة البليغة النصيحة; لتتم عليهم النعمتان الدنيوية والدينية، سعادة الأولى والآخرة (2).
وقد استجاب الله له: فبعث فيهم رسولا وأي رسول! ختم به أنبياءه ورسله، وأكمل له من الدين ما لم يؤت أحدا قبله، وعم بدعوته أهل الأرض على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم; في سائر الأقطار والامصار والاعصار إلى يوم القيامة، وكان هذا من خصائصه من بين سائر الأنبياء، لشرفه في نفسه وكمال ما أرسل به، وشرف بقعته وفصاحة لغته، وكمال شفقته على أمته، ولطفه ورحمته، وكريم (3) محتده وعظيم مولده، وطيب مصدره ومورده.
ولهذا استحق إبراهيم الخليل عليه السلام إذ كان باني الكعبة لأهل الأرض، أن يكون منصبه ومحله وموضعه، في منازل السماوات ورفيع الدرجات، عند البيت المعمور، الذي هو كعبة أهل السماء السابعة المبارك المبرور، الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة يتعبدون فيه، ثم لا يعودون إليه إلى يوم البعث والنشور.