ولا ظاهر، لان المراد مكانه المقدر في علم الله، المقرر في قدره (1)، المعظم عند الأنبياء موضعه، من لدن آدم إلى زمان إبراهيم.
وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه قبة، وأن الملائكة قالوا له: قد طفنا قبلك بهذا البيت، وأن السفينة طافت به أربعين يوما أو نحو ذلك.
ولكن كل هذه الأخبار عن بني إسرائيل. وقد قررنا أنها لاتصدق ولا تكذب فلا يحتج بها، فأما إن ردها الحق فهي مردودة.
وقد قال الله: " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ". أي أول بيت وضع لعموم الناس للبركة والهدى، البيت الذي ببكة. وقيل محل الكعبة " فيه آيات بينات " أي على أنه بناء الخليل، والد الأنبياء من بعده وإمام الحنفاء من ولده، الذين يقتدون به ويتمسكون بسنته. ولهذا قال: " مقام إبراهيم " أي الحجر الذي كان يقف عليه قائما لما ارتفع البناء عن قامته، فوضع له ولده هذا الحجر المشهور، ليرتفع عليه لما تعالى البناء وعظم الفناء. كما ذكر في حديث ابن عباس الطويل.
وقد كان هذا الحجر ملصقا بحائط الكعبة على ما كان عليه من قديم الزمان إلى أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه; فأخره عن البيت قليلا، لئلا يشغل المصلين عنده الطائفين بالبيت، واتبع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا، فإنه قد وافقه ربه في أشياء: منها قوله لرسوله صلى الله عليه وسلم: لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله: " واتخذوا