قال الله تعالى: " فلما أسلما وتله للجبين " قيل: أسلما: أي استسلما لأمر الله وعزما على ذلك. وقيل: وهذا من المقدم والمؤخر، والمعنى: " تله للجبين " أي ألقاه على وجهه. قيل أراد أن يذبحه من قفاه لئلا يشاهده في حال ذبحه، قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك.
وقيل: بل أضجعه كما تضجع الذبائح وبقى طرف جبينه لاصقا بالأرض " وأسلما " أي سمى إبراهيم وكبر، وتشهد الولد للموت. قال السدى وغيره: أمر السكين على حلقه فلم تقطع شيئا. ويقال: جعل بينها وبين حلقه صفيحة من نحاس. والله أعلم.
فعند ذلك نودي من الله عز وجل: " أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا " أي قد حصل المقصود من اختبارك وطاعتك، ومبادرتك إلى أمر ربك، وبذلك ولدك للقربان، كما سمحت ببدنك للنيران، وكما مالك مبذول للضيفان! ولهذا قال تعالى: " إن هذا لهو البلاء المبين " أي الاختبار الظاهر البين.
وقوله: " وفديناه بذبح عظيم " أي وجعلنا فداء ذبح ولده ما يسره الله تعالى له من العوض عنه.
والمشهور عن الجمهور أنه كبش أبيض أعين أقرن (1)، رآه مربوطا بسمرة في ثبير. قال الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس، قال: كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا.
وقال سعيد بن جبير: كان يرتع في الجنة حتى تشقق عنه ثبير، وكان عليه