أنه خاطب قومه بعد هلاكهم، وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلا لهم: " يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم " أي جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني، وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي.
" ولكن لا تحبون الناصحين " أي لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده، فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم، المستمر بكم المتصل إلى الأبد، وليس لي فيكم حيلة ولا لي بالدفع عنكم يدان. والذي وجب على من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته وبذلته لكم، ولكن الله يفعل ما يريد.
وهكذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر بعد ثلاث ليال: وقف عليهم وقد ركب راحلته وأمر بالرحيل من آخر الليل فقال:
" يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربى حقا " وقال لهم فيما قال: " بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس، فبئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ".
فقال له عمر: يا رسول الله تخاطب أقواما قد جيفوا؟ فقال:
" والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يجيبون ".
ويقال إن صالحا عليه السلام انتقل إلى حرم الله فأقام به حتى مات.
قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا زمعة بن صالح، عن سلمة ابن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم جوادي عسفان [حين حج قال: " يا أبا بكر أي واد هذا؟ " قال: