وقد يكون هذا السياق لاهلاك عاد الآخرة; فإن فيما ذكره ابن إسحاق وغيره ذكر لمكة، ولم تبن إلا بعد إبراهيم الخليل، حين أسكن فيها هاجر وابنه إسماعيل، فنزلت جرهم عندهم كما سيأتي، وعاد الأولى قبل الخليل، وفيه ذكر معاوية بن بكر وشعره، وهو من الشعر المتأخر عن زمان عاد الأولى، ولا يشبه كلام المتقدمين. وفيه أن في تلك السحابة شرر نار، وعاد الأولى إنما أهلكوا بريح صرصر. وقد قال ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من أئمة التابعين: هي الباردة، والعاتية الشديد الهبوب.
" سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " أي كوامل متتابعات. قيل كان أولها الجمعة، وقيل الأربعاء.
" فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية " شبههم بأعجاز النخل التي لا رؤس لها، وذلك لان الريح كانت تجئ إلى أحدهم فتحمله فترفعه في الهواء; ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى جثة بلا رأس، كما قال: " إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر [أي في يوم نحس عليهم، مستمر (1)] عذابه عليهم.
" تنزع الناس كأنهم اعجاز نخل منقعر " ومن قال إن اليوم النحس المستمر هو يوم الأربعاء وتشاءم به لهذا الفهم، فقد أخطأ وخالف القرآن; فإنه قال في الآية الأخرى: " فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات " ومعلوم أنها ثمانية أيام متتابعات، فلو كانت نحسات في أنفسها لكانت