رجوا فيه الخير فنالوا منه غاية الشر. قال الله تعالى: " بل هو ما استعجلتم به " [أي من العذاب، ثم فسره بقوله (1)]: " ريح فيها عذاب أليم " يحتمل أن ذلك العذاب هو ما أصابهم من الريح الصرصر العاتية الباردة الشديدة الهبوط، التي استمرت عليهم سبع ليال بأيامها الثمانية فلم تبق منهم أحدا، بل تتبعتهم حتى كانت تدخل عليهم كهوف الجبال والغيران فتلفهم وتخرجهم وتهلكهم، وتدمر عليهم البيوت المحكمة والقصور المشيدة، فكما منوا بشدتهم وبقوتهم (2) وقالوا: من أشد منا قوة؟!
سلط الله عليهم ما هو أشد منهم قوة، وأقدر عليهم، وهو الريح العقيم.
ويحتمل أن هذه الريح أثارت في آخر الامر سحابة، ظن من بقى منهم أنها سحابة فيها رحمة بهم وغياث لمن بقى منهم، فأرسلها الله عليهم شررا ونارا. [كما ذكره غير واحد. ويكون هذا (1)] كما أصاب أصحاب الظلة من أهل مدين، وجمع لهم بين الريح الباردة وعذاب النار، وهو أشد ما يكون من العذاب بالأشياء المختلفة المتضادة، مع الصيحة التي ذكرها في سورة قد أفلح المؤمنون. والله أعلم.
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن يحيى [بن] (1) الضريس. حدثنا ابن فضيل عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا بها إلا مثل [موضع (1)] الخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم [وأموالهم (1)] بين السماء والأرض، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة