الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٧١١
وقد نذر لله تعالى نذورا كثيرة وحلف أن لا يسكر أبدا، فلا تذكر له شيئا ولا تعاتبه على ما كان منه. فقال (عليه السلام): هكذا كان عزمي ورأيي. فقلت: إن جماعة من بني هاشم والقواد ما خلا عبد الرحمن وحمزة بعث بهم يسلمون عليك ويكونون معك.
فقال: أدخل بني هاشم والقواد ما خلا عبد الرحمن وحمزة بن الحسين.
فخرجت إليهم فأدخلتهم، فدعا بثيابه فلبسها ونهض فركب وركب معه الناس حتى دخل على المأمون، فلما رآه قام إليه وضمه إلى صدره ورحب به ولم يأذن لأحد في الدخول إليه، فلم يزل يحدثه ويسامره، فلما انقضى ذلك قال له أبو جعفر (عليه السلام): يا أمير المؤمنين. فقال المأمون: لبيك. قال: لك عندي نصيحة. فقال المأمون: بحمد وشكر. فقال: أحب أن لا تخرج بالليل فإني لست آمن عليك هذا الخلق المنكوس. فقال: أقبل قولك. وعاد أبو جعفر (عليه السلام) إلى داره (1).
وقال ابن أرومة: إن المعتصم دعا بجماعة من وزرائه فقال لهم: اشهدوا لي على محمد بن علي بن موسى زورا واكتبوا أنه أراد أن يخرج علي. ثم دعا به فقال له: إنك أردت أن تخرج علي فقال: والله ما فعلت شيئا من ذلك. قال: إن فلانا وفلانا شهدوا عليك. واحضروا فقالوا: نعم هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك قال: وكان جالسا في بهوة (2)، فرفع أبو جعفر (عليه السلام) يده فقال: اللهم إن كانوا قد كذبوا علي فخذهم. قال: فنظرنا إلى ذلك البهو كيف يرجف ويذهب ويجئ وكلما قام واحد وقع. فقال المعتصم: يا بن رسول الله أني تائب مما قلت فادع ربك أن يسكنه. فقال: اللهم سكنه فإنك تعلم انهم أعداؤك وأعدائي، فسكن (3).
فصل في ذكر معجزات الجواد (عليه السلام) قال أبو هاشم الجعفري: جاء رجل إلى محمد بن علي بن موسى فقال:

(١) الخرائج والجرائح: ج ١ ص ٣٧٢ - ٣٧٥ ب ١٠ ح ١.
(٢) البهو: البيت المقدم أمام البيوت.
(٣) الخرائج والجرائح: ج ٢ ص ٦٧٠ - 671 ح 18.
(٧١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 706 707 708 709 710 711 712 713 714 715 716 ... » »»